إبراهيم بن سالم الهادي
يبدو أن العام 2020 يأبى إلا أن يمر دون أن يترك ندوبه العميقة وجروحه الغائرة في النفس البشرية بعمومها، والعمانية منها على وجه والتحديد.. فما بين العاشر من يناير وحتى تاريخ اليوم، فُجع المجتمع العماني بعديد الأحداث المؤلمة.. فقدٌ جليلٌ لسلطان حكيم مؤسس نهضة عمان الحديثة خالد الذكر السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- مرورا بما حصده كورونا اللعين من أرواح طاهرة انتزعها دون رفق أو رحمة، وصولا لفجر السابع والعشرين من أكتوبر الجاري، حيث أفقنا على فقد جديد لروح طيبة يسطر التاريخ لها إنجازات تشهد بها طرقات مسقط والمحافظات، ومؤسسات لا يزال بنيانها شامخا ينبض بالعطاء وخدمة الوطن..
إنه المقدم سعيد بن سالم الوهيبي وزير الديوان الأسبق، وأول مرافق عسكري للسلطان الراحل- رحمهما الله- وأسبغ عليهما من فيوضات مغفرته.
فالفقيد الوهيبي رجل أفنى حياته مساهما في رسم خارطة طريق لبناء نهضة عمان الحديثة التي أرسى دعائمها المغفور له السطان، ليلحق بركب رحيل العظماء، حيث لم يكن مجرد وزير للديوان أو مسؤول في الدولة فحسب، بل تجاوز حد مسؤوليته واطلق العنان لغيرته وحبه للوطن واضعا على عاتقه مسؤولية بناء نهضة عمان الحديثة منذ بداية بزوغ النهضة المباركة جنبا الى جنب مع المغفور له السطان الراحل قابوس بن سعيد رحمه الله تعالى، فقد شارك المغفور له المقدم سعيد بن سالم الوهيبي في وضع لبنة أساس لعمان، من حيث دعائم البنية الاساسية وإرساء قواعد أسس عليها تعزيز الاقتصاد إلى يومنا الراهن.
واستطاع بفضل إخلاصه وصدقه أن يضع رؤية تنموية إستراتيجية تمثلت في بناء المشاريع وتأسيس الجهات الخدمية للوطن والمواطن.
ولم تقف عطاءات المغفور له باذن الله الوطنية عند حد فترات توليه المسؤولية، بل واصل إسهاماته حتى بعد تقاعده، حيث شرع ببناء المراكز الصحية وساهم في بناء بعض السدود إلى جانب بناء المساجد والجوامع والمجالس العامة ومدارس القرآن الكريم، إضافة إلى دعم الشباب العماني في مسارات التعليم المختلفة داخل السلطنة وخارجها، لذا كان لرحيله أثر في النفوس، كونه من العظماء الذين تتسع قلوبهم للجميع حيث سجلت له الكثير من المواقف والشهامة التي تعبر عن أرقى صور الإنسانية وحب الوطن.
إن سطورا وصفحات لا تكفي لسبر مسيرة عطرة حافلة بالعشق لثرى عمان الطيبة فقد عاش متوشحا بالخير ووسام الإنسانية ورحل محفوفا بدعوات خالصة بالرحمة والمغفرة من قلوب أبناء عمان .. وإنا لله وإنا إليه راجعون.