ترجمة - رنا عبدالحكيم
أفادَ عُلماء بأنَّ استخدام الكمامة على المستوى العالمي يُمكن أن يمنع ما يقرب من 130 ألف حالة وفاة في الولايات المتحدة حتى الربيع المقبل، بحسب تقرير نشرته "نيويورك تايمز" لمراسلة الصحيفة للشؤون العلمية أبورفا ماندافيلي.
وقالت ماندافيلي إنَّ هذه النتائج تأتي في أعقاب تأكيد الدكتور سكوت دبليو أطلس المستشار العلمي للرئيس، من أنَّ الكمامات غير فعَّالة، في تغريدة حذفها موقع "تويتر" لاحقًا لنشرها معلومات مضللة. وأفادت المراسلة بأنَّه في يوم الأربعاء الماضي، أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إرشادات جديدة توصي باستخدام الكمامة في الأماكن العامة، بما في ذلك وسائل النقل العام.
وبدأت موجة من الإصابات مدفوعة جزئيًّا بإهمال احتياطات السلامة، في إرباك المستشفيات في معظم أنحاء البلاد. وأبُلغ عن أكثر من 75000 حالة جديدة في الولايات المتحدة يوم الخميس، وهو ثاني أعلى إجمالي يومي على مستوى البلاد منذ بدء الجائحة.
وقال كريستوفر موراي مدير معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن، والمؤلف الرئيسي للتقرير: إنَّ هذه الأرقام من المرجح أن تستمر خلال فصلي الخريف والشتاء، مع ارتفاع مضطرد في الحالات والوفيات حتى يناير وستبقى مرتفعة بعد هذه النقطة. وقال موراي: "نعتقد بقوة أننا مقبلون على فصل شتاء قاتم للغاية".
كما قدمت دراسة جديدة نُشرت في مجلة "Nature Medicine"، تقديرًا تقريبيًا لعدد الوفيات الناجمة عن الوباء في الولايات المتحدة، والذي ربما يصل إلى 500000 حالة وفاة بحلول مارس 2021، حتى مع إعادة تفويضات التباعد الاجتماعي في معظم الولايات.
وحذر خبراء آخرون من أنَّ التقديرات الجديدة، كما هي الحال مع أي نموذج، تستند إلى العديد من الافتراضات ولا ينبغي اعتبارها تنبؤات.
وقالت شويتا بانسال مصممة نماذج الأمراض المعدية في جامعة جورج تاون، والتي لم تشارك في النموذج الجديد: "هذا ليس تنبؤا أو توقعًا. ويجب أن يُنظر إلى النموذج على أنه "تجربة فكرية معقدة" يمكن أن تتغير استنتاجاتها بشكل كبير إذا غير الأشخاص سلوكهم". وأضافت: "أود أن يرى الناس هذه الدراسة على أنها دعوة للعمل، نوعًا من دعوة للاستيقاظ، خاصةً لأولئك الأفراد غير المقتنعين بالدمار الذي يسببه هذا الوباء".
وقام الدكتور موراي وزملاؤه بتحليل عدد الحالات ومعدلات الاختبار واستخدام الكمامة وبيانات الهاتف المحمول لتقدير تحركات الأشخاص من أول حالة مسجلة في كل ولاية حتى 21 سبتمبر، ثم قدروا عدد حالات الوفاة حتى مارس 2021 لكل ولاية، مع أو بدون تفويضات للتباعد الاجتماعي واستخدام الكمامة.
ووجد الفريق أنه إذا استمرت العديد من الولايات في التراجع عن التفويضات السارية، فإن عدد الوفيات بحلول 28 فبراير قد يتجاوز المليون، مع حدوث ثلثها في كاليفورنيا وفلوريدا وبنسلفانيا.
ووفقاً للنموذج، والأكثر منطقية، أن الدول قد تعيد تفويضات التباعد عندما تصل الوفيات اليومية إلى حد ثمانية وفيات لكل مليون، وسيؤدي ذلك إلى وفاة 511373 بحلول نهاية فبراير 2021.
وقال الدكتور موراي: إنَّ النماذج الأخرى لا تنظر إلى المستقبل بعيدًا أو لم تأخذ الموسمية في الحسبان، وقد قللت من عدد الوفيات التي يمكن أن تحدث. مضيفًا بأنَّ مثل هذه النماذج "تغذي الآراء غير المستندة إلى العلم، والتي يتم تداولها هناك بأنَّ الوباء قد انتهى، أو أن الأسوأ وراءنا. وهذه إستراتيجية محفوفة بالمخاطر".
وقالت آشلي تويت المتخصصة في نماذج الأمراض المعدية في جامعة تورنتو، إن الوفيات ستبلغ ذروتها في الربيع كما يقدر النموذج. وأن نموذج د. موراي لا يأخذ في الحسبان العلاجات المتاحة الآن للأشخاص الموجودين في المستشفى؛ فعلى سبيل المثال، ووفقاً لإحدى الدراسات، انخفضت الوفيات بين المرضى في المستشفيات إلى 7.6% من 25.6% في الربيع.
وقالت الدكتورة بانسال إنَّ البحثَ الجديدَ يقوم على افتراضات خاطئة أخرى، حيث يقدم تقديرات للولايات الفردية، لكنه لا يأخذ في الحسبان الاختلافات القائمة على العمر أو الموقع داخل الولايات، وتستند الأرقام إلى بيانات الاختبارات والوفيات المحدودة من الجزء الأول من الجائحة.
وبسبب هذه الافتراضات وغيرها، فإنَّ العددَ المقدَّر للوفيات هو في أفضل الأحوال تقريبي. ومع ذلك، فإن الرقم يؤكد الحاجة لاتخاذ احتياطات فردية وعلى مستوى السكان.
وأظهر الدكتور موراي وزملاؤه أن استخدام الكمامات، على وجه الخصوص، له تأثير كبير، حيث يقلل من خطر الإصابة على مستوى الفرد والسكان بمقدار النصف تقريبًا. وقال: "زيادة استخدام الكمامات هي واحدة من أفضل الإستراتيجيات التي لدينا الآن لتأخير فرض تفويضات التباعد الاجتماعي وجميع الآثار الاقتصادية لذلك، وإنقاذ الأرواح". وأشار إلى أنَّ فرض الكمامة والعقوبات على عدم ارتدائها يمكن أن يؤدي لزيادة عدد الأشخاص الذين يرتدونها.