كلنا عمان وعمان لنا

د. خالد بن علي الخوالدي

Khaid1330@hotmail.com

 

عُمان كيان سياسي قائم منذ القدم رغم الظروف والأحوال وتقلبات الزمان، عُمان ذلك الإنسان الذي يتحمل الصعاب ويدوس على التحديات ويواجه المصاعب بروح متقدة ومعتمدة على الخالق الباري الذي يُدبر الأمر من قبل ومن بعد، والتحديات التي تمر بها السلطنة ليست صعبة كما يصورها عدد من وسائل الإعلام الخارجية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وقد دخلت السياسة الخبيثة في الأمور الاقتصادية وعملت على الضغط على الدول غير المُتجاوبة معها من ناحية سياسية بهاتين المؤسستين.

فصندوق النقد والبنك الدوليين ما إن دخلوا دولة إلا وجعلوها قاعاً صفصفاً، نعم إن صندوق النقد الدولي لا يأتي بخير وأغلب التحليلات التي يطرحها المحللون بعيدة عن الواقع وتركز على جوانب معينة وتتناسى جوانب أخرى، وأغلب ما تركز عليه مصالح البنوك وشركات التمويل وغيرها ولا يهمها أي وضع اقتصادي واجتماعي للدول وشعوبها وتتدخل في شؤون الدول تدخلاً مباشراً، وهذا العمل مؤسف جداً، وأرى من وجهة نظري المُتواضعة عدم النظر إلى تحليلات هذا الصندوق المشؤوم والبنك الذي أفقر الدول وأدخلها في دوامة الربا والديون والمديونيات العالمية للضغط عليها.

يا قوم لا تسمعوا لهذه المؤسسات واعتمدوا على أنفسكم في إنقاذ بلدكم من شر الوحوش العالمية التي تُحاول السيطرة على العالم من خلال أذرعها المختلفة وبحجج سياسية مرة واقتصادية مرة ونشر الفوضى تارة أخرى، نحن أدرى بعُمان وبخيراتها ومقوماتها وما تملكه من مُقدرات، أؤكد لكم أننا قادرون على تجاوز هذه المحنة، كما تجاوزنا محناً كثيرة ومتعددة، وعلى مؤسساتنا عدم الركون والاستماع لهذه المؤسسات والضغط على الشعب من خلال فرض المزيد من الضرائب والرسوم.

عُمان دولة وهبها ربي مقومات طبيعية وسياحية وثروات طبيعية متنوعة ومختلفة غير النفط الذي تتقلب أسعاره وتتهاوى بين عشية وضحاها، وتملك السلطنة ثروة بشرية مبدعة ومبتكرة وعاملة وتحب وطنها حباً لا يُوصف، وخلال هذه الفترة ما نحتاجه هو وجود أشخاص مُخلصين يجلسون في جلسة عامة وينخرطون في عمليات عصف ذهني حول (كيف نتغلب على هذه الأزمة) وعندي ثقة كبيرة أنهم سوف يخرجون بحلول كثيرة وسهلة التطبيق تؤدي إلى مُعالجة سريعة لما نحن عليه الآن، بل سوف تفتح آفاقًا اقتصادية خيالية.

الموضوع ليس صعباً وقد يتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في هذا العصف الذهني من خلال تحديد يوم مسبق وفي هذا اليوم يفتح المجال من خلال منصة حكومية كمنصة مركز التواصل الحكومي مثلاً ويتم طرح سؤال للعصف الذهني للعامة (كيف نستطيع أن نخرج من هذه الأزمة) وما يطرح من خلال هذه المنصة يتم جمعه وتحليله وتوثيقه ودراسته بصورة عاجلة ويطبق على أرض الواقع.

العالم كله يمُر بأزمة مالية واقتصادية وليست السلطنة بعيدة عن هذا العالم بل هي تتشارك معهم وتتفاعل مع المعطيات الدولية خيرها وشرها، وهذا ليس عيباً ولا منقصة، إنما العار أن نهمل طاقات الشباب والثروة البشرية الموجودة في البلد ونعتمد فقط على أشخاص معينين هم من يقرروا وهم من يرسموا السياسات الاقتصادية والتجارية للبلاد وكأنَّ غيرهم لا يفهم وليس لديه المقدرة على التفكير والتحليل وإيجاد الحلول المنطقية، أفتحوا قلوبكم وأبوابكم أيها المسؤولون لأبناء عُمان ولن يخذلوكم.

كلنا لعُمان وعُمان لنا، وتأكدوا لو مرَّت البلد بعاصفة لن تتأثر الحكومة فقط وإنما نحن جميعاً متأثرون، لذا نحن كشعب سائرون مع الحكومة في نفس السفينة وإذا لم نحسن القيادة لغرقت وغرقنا، فكروا جيدا بموضوع استشارة الشعب في كل قراراتكم وسياساتكم حتى تكون الأفكار مفتوحة ومتعددة فالرأي الواحد لا يوفق دائماً، فالله سبحانه وتعالى يقول لحبيبه المعصوم والذي يوحى له (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).