◄ الجدارة الائتمانية للسلطنة مدعومة بأصول سائلة قوية تمثل 69% من الناتج المحلي
◄ 50 دولارا متوسط سعر برميل النفط حتى نهاية 2022.. ويرتفع إلى 55 دولارا بحلول 2023
الرؤية- نجلاء عبدالعال
خفضت مجددا وكالة ستاندرد آند بورز العالمية، التصنيف الائتماني للسلطنة، ليهبط إلى مستوى BB-، مع نظرة مستقبلية سلبية، وذلك على خلفية "زيادة المخاطر الخارجية والمديونية" حسب تقرير الوكالة.
وقالت الوكالة "إن انخفاض أسعار النفط الحاد في 2020 سيكثف الضغوط المالية والخارجية على سلطنة عمان"، أما النظرة المستقبلية السلبية لسلطنة عمان فقالت إنها تأتي "انعكاسا لاحتمالات أن خطط الحكومة لضبط الأوضاع المالية، قد تكون غير كافية لوقف الزيادة في الديون". وهذا التخفيض للتصنيف السيادي لسلطنة عُمان هو الثاني خلال العام الجاري 2020 من قبل ستاندرد آند بورز، وكانت كل من وكالتي موديز وفيتش قد خفضتا التصنيف هذا العام أكثر من مرة، لكن المستوى الذي أعلنته ستاندرد آند بورز هو الأقل بين وكالات التصنيف، وبذلك تتراجع عُمان أربعة مستويات في الدرجات التي تضعها الوكالة لتندرج تحت "غير المجدية للاستثمار".
ومن شأن خفض التصنيف الذي يتوالى من وكالات التصنيف العالمية الثلاث، أن يتسبب مباشرة في ارتفاع كلفة الدين اللازم لتغطية العجز، وخلال 8 أشهر من العام الجاري وصلت فوائد الديون لأكثر من 600 مليون ريال. وكلما تراجع التصنيف كلما زادت الفوائد، مع ما يمثله خفض التصنيف من توقع لأن يكون هناك صعوبة في سداد الديون وفوائده.
الاستدانة من الخارج
ويشير متخصصون إلى أن الاستدانة من سوق الدين العالمي عبر السندات والصكوك وغيرها يعد القرار الأنسب في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد العالمي؛ إذ إن الاستدانة المباشرة من الدول الأخرى في جميع تجارب التاريخ قد يلازمها بعض الضغوط السياسية أو الاقتصادية من الدول المُقرضة، كما إن السحب من الاحتياطيات يهدد بمضاعفة الأعباء على الأجيال القادمة، علاوة على أنه لا يعدو كونه حلاً مؤقتاً ولا يضمن الاستدامة المالية؛ إذ إن الاحتياطيات تعتمد على الاستثمار لضمان نموها، ومن ثمَّ السحب من عوائدها، ولا يحبذ خبراء الاقتصاد السحب من الأصول إذ يهدد مثل هذا الإجراء بإهدار فرص الاستثمار في هذه الأصول، ومن هنا يدعو الخبراء إلى اللجوء إلى الحل الثالث وهو الاقتراض من الخارج.
وحجم الدين لا يمثل أي إشكالية للدول المدينة، فمثلاً حجم الدين في الولايات المتحدة الأمريكية يصل إلى 3.5 ترليون دولار، لكن معيار الثقة في الاقتصاد واستمرار نموه يجعل من السهل أمام الدول الحصول على ديون وسدادها، لكن في حالة وجود مخاطر في السداد فإنَّ الجهات المقرضة غالباً ما تزيد ضمانات أموالها عبر رفع سقف الفائدة. إلا أن الأمل معقود حالياً على أن يكون ما تبقى من العام الجاري، وما سيكون عليه العام المقبل، آخر مراحل عنق الزجاجة للاقتصاد العماني، لتبدأ إجراءات هيكلة الإنفاق وزيادة الإيرادات المحلية في معظمها في رفد الخزينة وإبعاد شبح المزيد من الضعف في التصنيف والمزيد من التراكم للديون.
العجز المالي
وتقول وكالة ستاندرد آند بورز في تقريرها إن خفض التصنيف يعكس وجهة نظرها بأن مالية القطاع العام في السلطنة- كما يتضح من مستوى الدين الصافي- ستضعف ماديًا على مدى السنوات الثلاث المقبلة، على الرغم من تنفيذ تدابير للحد من العجز المالي. وعزت الوكالة ذلك جزئيًا إلى افتراضاتها بشأن محدودية نمو أسعار النفط وتباطؤ التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا.
وافترضت وكالة التصنيف أن متوسط سعر النفط سيصل إلى 50 دولارًا للبرميل خلال عامي 2021 و2022، و55 دولارًا للبرميل اعتبارًا من عام 2023، لافتة إلى أنَّ متوسط سعر بيع النفط الخام العُماني (الذي يتم تسعيره قبل شهرين من موعد التسليم) يبلغ 46.5 دولارًا للبرميل خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر 2020.
وقال التقرير إنِّه نظرًا لطبيعة الاقتصاد العماني المركزة على المنتجات النفطية والتي تشكل حوالي 35% من الناتج المحلي الإجمالي، و60% من عائدات الحساب الجاري، و75% من عائدات المالية العامة؛ فإنَّ الدولة تواجه ضغوطًا في الميزان التجاري مع أسعار النفط المنخفضة نسبيًا.
وقالت الوكالة: "نتوقع أن تنخفض الهوامش المالية والخارجية انخفاضاً حادًا نتيجة لذلك، ونقدر أن يرتفع إجمالي الدين الحكومي إلى حوالي 84% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2020 صعودا من 60% في عام 2019، في حين أنَّ ديون المؤسسات الحكومية ستصل إلى 43% من الناتج المحلي الإجمالي ارتفاعاً من 30% خلال نفس الفترة". وأشارت الوكالة إلى أنَّ الحكومة شرعت في خطة متوسطة الأجل للحد من العجز المالي ونفذت العديد من إجراءات التقشف هذا العام، ومع ذلك، حتى مع تراجع "الخلل المالي" من ذروته في عام 2020، فإن السلطنة ستواجه آجال استحقاق ديون خارجية كبيرة تبلغ 10.7 مليار دولار (حوالي 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي) بين عامي 2021 و2022. وتابعت الوكالة في تقريرها قائلة: "ونظرًا لسوق رأس المال المحلي الصغير، ستواصل عُمان الاعتماد على الدين الخارجي لتمويل العجز الحكومي الكبير والديون المستحقة، وستظل عرضة للتغيرات في معنويات المستثمرين. كما إن حصة الديون المقومة بالعملات الأجنبية، مرتفعة؛ حيث تبلغ حوالي 75% من إجمالي الدين".
الجدارة الائتمانية
وقالت الوكالة: "إن رؤيتنا للجدارة الائتمانية لسلطنة عمان مدعومة بأصول سائلة لا تزال قوية تقدر بنحو 69% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وعلى الرغم من أننا نتوقع أن ينخفض هذا المخزن المؤقت إلى 45% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2023 حيث يتم سحب الأصول للتمويل المالي".
وأوشكت المالية العامة بالسلطنة على تسجيل أكبر عجز في الميزانية منذ 2016 عند ما اقتربت من 19% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لصندوق النقد الدولي. ومن المتوقع انكماش الاقتصاد الوطني بنسبة 10%، وهو أكبر انكماش بين دول الخليج العربي، بحسب تقديرات الصندوق في توقعاته الأخيرة.
وقالت الوكالة إن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سينكمش خلال العام الجاري 2020 بنسبة 5% بسبب خفض إنتاج النفط بموجب اتفاق "أوبك بلس" والضربة التي ألحقها فيروس كوفيد -19 بالطلب المحلي والاستثمار. ويتوقع صندوق النقد الدولي في الوقت الراهن أن ترتفع نسبة الدين العماني 18 نقطة مئوية هذا العام.
