المضادات.. ودورها في مكافحة الوباء

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

رُبَّما يتهمني البعضُ بأنَّني غير عقلاني وغير منطقي فيما أطرحه في هذا الظرف الذي يُعاني منه العالم نتيجة استمرار جائحة كوفيد 19، والتي تؤدي بكل شخص لأن يتَّخذ الإجراءات الاحترازية للوقاية من الفيروس الذي ينتشر في العالم منذ نهاية العام 2019، ولا يزال مستمرا حتى اليوم.

سوف أنقل لكم تجربة أناس تعرَّضوا فعلا لهذا الوباء، وقاسوا من آلامه وقسوته وعنفوانه حتى وقت شفائهم؛ حيث استمرَّ لدى البعض أكثر من أسبوعين. تحدثتُ إليهم في سفري الأخير إلى كربلاء لزيارة الأربعين للإمام الحسين عليه السلام، وأخبروني بأنَّهم تحملوا هذا المرض، ولم يستعينوا بالمستشفيات وأدواتهم، خاصة الأجهزة التنفسية، مؤكدين أنَّ البعضَ الذي توجَّه لهذه المستشفيات لقي حتفه نتيجة وجود أجهزة التنفس عليهم لساعات عديدة؛ اعتقادا منهم بأنَّ هذه الأجهزة أدت لهتك أنسجة التنفس لديهم، وعدم تحملها؛ الأمر الذي أدى إلى وفاتهم.

وسألتهم: إذن، كيف عالجتم أنفسكم من هذا الوباء؟ فكانت إجابتهم بأنَّهم بدأوا بالحجر على أنفسهم أولا، ومن ثم قاموا باستخدام المضادات الزراعية كالثوم والبصل والزنجبيل.. وما شابه ذلك من مواد تحمل أنواعا مضادة للفيروسات، مع الاعتماد على المشروبات الحارة من هذه المواد، مع تناول بعض الأدوية من الكبسولات والسوائل الطبية المعتادة.

هذا الحديث معهم تمَّ في وجود ثلاثة أشخاص تطابقت آراؤهم حول كيفية الوقاية من المرض الذي أصيبوا به في نفس الوقت؛ بحيث كان أحدهم يُكمل حديث الشخص الآخر.

وصولنا إلى كربلاء عبر مطار بغداد الدولي كان في الـ6 من الشهر الحالي، ثم رجوعنا في 13 منه مع مرورنا على عدد من المدن الأخرى كالنجف الأشرف والكوفة والكاظمية وسامراء. وجميع تحركاتنا كانت تتمُّ عبر اتخاذ جميع الإجراءات والاحترازات الوقائية من لبس الكمامة وتعقيم الأيدي. ومعظم العراقيين كغيرنا يُؤمنون بأنَّ لكل أجل كتابًا، لكنهم غير مُكترثين بالتوجه نحو المستشفيات في أول زكام يُصابون به. كما أن المستشفيات لا تستقبل جميع تلك الحالات إلا إذا كان الأمر يحتاج فحصًا دقيقًا ومُتابعة لحالة المريض. ما سمعناه جَعلنا نتحيَّر من هذا الوباء ونحن نرى أنَّ أكثر من 95% من الشعب العراقي وأهالي مدينة كربلاء والنجف وغيرها لا يستخدمون الكمامات، وأنَّ المجاميع حول أضرحة الأئمة تشمل كبار السن من الصغار والكبار والنساء والأطفال، ومنهم من يفترشون الأرض بقطعة قماش أو حصير أو سجادة قديمة، ويأكلون وينامون عليها لأنهم أتوا من محافظات بعيدة دون أن يكترثوا بأهمية هذه الاحترازات لحين انتهاء زيارتهم والرجوع إلى محافظاتهم.

أنا لا أستطيع أن أُعمِّم هذه التجربة على مختلف المحافظات العراقية؛ لأنَّ هناك إصابات ووفيات في العراق، بل تعتبر العراق من الدول التي تسجل الإصابات فيها كثيرا، وإنما حديثي كان مع الذين التقيت بهم في المدن التي ذكرتها مسبقا، وتجربتهم في كيفية الخروج من الوباء. وبالتالي؛ أستطيع القول بأنَّ الأمر يتطلب أحيانا أن نعطي الفرصة للمصاب بأن يبقى بالمنزل في الحجر، وأن يلتزم الساكنون معه بالإجراءات والاحترازات المطلوبة، مع تقديم المضادات الحيوية المطلوبة له في مثل الحالات، وعدم قرار نقله إلى المستشفى فورا، لأنَّ في مثل هذه الحالة ستمتلئ المستشفيات بالمرضى، ولا يكون هناك مجال لإسعاف وعلاج بقية المرضى القادمين لأمراض أخرى.

نحن في الزيارة الأربعينية الأخيرة مشينا مع ملايين الزوار، سجلت الإحصاءات أعدادهم بنحو ١٤,٥ مليون زائر في يوم الأربعين للزيارة، وكانوا يتجدَّدون في كل لحظة بوصول القوافل من المحافظات العراقية الأخرى. ومارسنا الشعائر معهم مع التزامنا بلبس الكمام؛ وبالتالي كانت نتائج فحوصاتنا جميعا بمطار مسقط الدولي "سلبية"؛ حيث كانت طائرة الخطوط الجوية العراقية ممتلئة عن آخرها، دون وجود مسافة بين مقعد وآخر.

هنا.. يتطلب الأمر تبادل المعلومات بين الدول لمعرفة المزيد حول حالات الإصابات والشفاء للاستفادة منها في علاج الحالات المستجدة. فكلُّ دولة أصبح لديها ملفات عن هذا الوباء الذي نأمل أن يرفعه الله عن البشرية في القريب العاجل.. اللهم آمين يا رب العالمين.

الأكثر قراءة