ضريبة لدعم المالية العامة للدولة

فايزة الكلبانية

Faizaalkalbani7@gmail.com

(1)

تُحيط بعالمنا اليوم ومنطقتنا العربية الكثير من التَّحديات غير المسبوقة، خاصة بالنسبة لنا ولمنطقة الخليج المصدرة للنفط، وهذا التراجع الحاد والتذبذب في أسعار النفط، بحيث يبلغ المتوسط للعام 2020 تقريباً حدود 42 دولاراً، في حين تبلغ نقطة التعادل في الموارنة تقريباً نحو 80 دولارا.

وبالتالي هناك الكثير من العمل الذي يلزمه إصلاح اقتصادي كبير وإعادة هيكلة ومُراجعات تعمل عليها الحكومة وستأخذ عدة سنوات لتصل للشكل الجديد للاقتصاد وثقافة العمل مع دخول الخطة الخمسية الجديدة، والتي تعد مرحلة انتقالية هدفها الوصول إلى اقتصاد إنتاجي، وبالتالي لا زالت لدينا تحديات الاقتصاد الريعي حيث توقعات الناس والمواطنين عالية جدًا في حين أنَّ الموارد أصبحت محدودة جدًا... فالتوتر الذي نُواجهه اليوم يتمثل في أن "التحديات والطموحات لدى المواطنين كبيرة جدا.. وفي المُقابل الموارد محدودة".. وبالتالي سيأخذ شيئاً من الوقت للدخول في مرحلة التنويع الاقتصادي وإعادة هيكلة الاقتصاد وثقافة العمل، يجب أن نضاعف الجهود فيها لنصل لنقاط تعادل أكثر لتقابل الموارد المصاريف العالية. ولاسيما أن" ما زاد الطين بلة" انتشار فيروس كورونا وهي أزمة عنيفة غير مسبوقة على مستوى العالم وأدت إلى انخفاض الطلب على النفط نتيجة لتوقف العمل بقطاع الطيران والسيارات وغيرها من القطاعات والصناعات المعتمدة في تشغيلها على النفط، وقد توقف العمل بها، ولكوننا دولة نفطية أدى ذلك إلى تراجع الأسعار عن المرحلة السابقة ولا يوجد حلول سهلة أو سحرية.

(2)

"ضريبة القيمة المضافة".. لا زالت بين مُؤيد ومعارض لقرار تطبيقها في أبريل من العام القادم، والآمال معقودة على أن يكون هناك تحسناً في معيشة الأفراد وقضية الباحثين عن عمل خلال الستة أشهر القادمة حتى يحين موعد التطبيق، والبعض يرى أنَّ الظرف الزمني لن يحقق الهدف والمردود والعائد المرتقب تحقيقه من جراء تطبيق الضريبة نتيجة لما تمر به اليوم السلطنة واقتصادها ودخل الفرد من تراجع من جراء أزمة تراجع أسعار النفط، وما لحق بالبعض نتيجة انتشار فيروس كورونا والذي أدى لفقد البعض لمصادر دخلهم ووظائفهم وتسريحهم من أعمالهم، إلى جانب أنه لابد من العمل السريع على حل أكبر التحديات التي تُؤرق الشارع العُماني المتمثلة في أزمة الباحثين عن عمل، والبعض من موظفي القطاع الخاص ممن تعرضوا لتقليص رواتبهم إلى 50٪ أو 70٪ مما سينعكس سلباً على ضعف القوة الشرائية وتراجع دخل الأفراد حتى وإن كانت الضريبة لا تطال السلع الغذائية الأساسية.

(3)

الفائدة المرجوة من تطبيق ضريبة القيمة المضافة، قد يكون من الصعب تحقيقها إذا لم يسبقها تحسين دخل الأفراد وتحسين المعيشة خلال الأشهر القادمة قبل التتفيذ، وحل قضية الباحثين عن عمل خلال الفترة الحالية، كما أنه لابد من إعادة النظر في فرض ضريبة على التحويلات المالية للوافدين وكافة التحويلات الخارجية والتي ستكون مصدر دخل آخر للاقتصاد ليس بالقليل، وفي المُقابل يتساءل البعض لماذا لم يتم تطبيق ضريبة الدخل أولاً ومن ثمَّ تتبعها القيمة المضافة؟!

كما لابد أن يتم الأخذ بعين الاعتبار أهمية تعزيز الوعي المجتمعي والمشاركة المجتمعية والإعلام في التمهيد لمثل هذه القرارات ولا نجعل تطبيقها أمرًا نافذاً مهما كان شرا لابد منه.. إنَّ تثقيف المُجتمع وتهيئته لمثل هذه الأوضاع لابد وأن يؤخذ بالاعتبار بدلاً من قرارات "الصدمة" و"المفاجأة" لضمان نجاح الأهداف المرسومة وامتصاص غضب أفراد المجتمع وتوعيتهم بالأبعاد التي لا تتضح لهم.

(4)

الحكومة تتمنى اليوم من فرض هذه الضرائب والرسوم تحقيق عدة أهداف تتمثل في دعم المالية العامة للدولة وزيادة الحصيلة المالية، وتحسين الخدمات العامة، هذا إلى جانب محدودية التأثيرات التي ستلحق بمعيشة المواطن من جراء تطبيق الضريبة نتيجة لوجود عدد من الأنشطة والقطاعات المُستثناة كالغذاء والتعليم والصحة وغيرها، وستعمل على المساهمة في تخفيض المصروفات ونسبة العجز، والدين العام...ولكن لابد من تشديد الرقابة لضمان أن يتم توظيف هذا المردود في مكانه المناسب.