التصادم أو التطبيع

العلاقات الأمريكية الصينية على بُعد 23 يوما من "مفترق طرق"

ترجمة - رنا عبدالحكيم

لم تشهد العلاقات الأمريكية - الصينية منذ تولي الرئيس دونالد ترامب سوى التعقيد والتَّصعيد المبالغ فيه؛ والذي وصلت حدته في الأسابيع الأخيرة، بفرض الولايات المتحدة عقوبات على كبار المسؤولين الصينيين، بمن فيهم عضو في المكتب السياسي؛ لما أسمته "دورهم في الأعمال الوحشية ضد الإويجور في شينج يانج"؛ إضافة لإدراج 11 شركة صينية على القائمة السوداء لوزارة التجارة، لذات السبب، فضلا عمَّا تم الترويج له من أنَّ مزاعم الصين الشاملة في بحر الصين الجنوبي غير قانونية؛ وتوجيه اتهامات جنائية لأربعة مواطنين صينيين قال مسؤولون إنهم جواسيس لجيش التحرير الشعبي؛ والأمر بإغلاق القنصلية الصينية في هيوستن، فكان الرد الصيني إغلاق القنصلية الأمريكية في تشنغدو.

وبحسب مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، فإنَّ هذه التطورات كافة حدثت كل في عهد رئيس أظهر تقاربًا شخصيًّا مع نظيره الصيني شي جين بينج، كما أظهر قليلًا من الرغبة في القتال مع الصين باستثناء ما يتعلق بالتجارة.. مما دفع المجلة للتساؤل حول ماهية هذه العلاقات ما بعد الانتخابات المقررة نوفمبر المقبل، خصوصا مع نفاد الوقت في ولاية ترامب الأولى -وربما رئاسته- حيث يحاول مسؤولون متشددون من حوله (ترامب) أن يثبتوا بشكل ملموس موقفًا أكثر تصادمية مما تبنته أمريكا من قبل.

وقال تقرير مطول لـ"ذي إيكونوميست" إنَّ حملة ترامب تريد أن تصور المرشح الديمقراطي المفترض على أنه لين مع الصين، بينما يقول مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن جزءًا من الحسابات التي تقود الإجراءات الأخيرة هو وضع العلاقات الصينية الأمريكية على مسار يصعُب عكسه بغض النظر عمن سيفوز في نوفمبر؛ حيث يعتقد بعض المسؤولين أنهم اقتربوا من تحقيق ذلك، بمساعدة إجماع متشدد من الحزبين في الكونجرس، والذي أقر تشريعات صارمة استجابة لمعاملة الأويجور وهونج كونج.

ومع ذلك، فإن بعض الصقور خارج الإدارة، بما في ذلك قلة ممن يقولون إنهم سيصوتون لبايدن، قلقون من أنه سيكون أقل مواجهة مع شي، بينما يبحث عن التعاون في قضايا مثل تغير المناخ والسيطرة على الأسلحة النووية.. فالعديد من مستشاريه في السياسة الخارجية هم حتمًا من قُدامى المحاربين في إدارة أوباما، ويسخر الصقور من ذلك؛ لأنه استوعب صعود الصين بسهولة شديدة من أجل، على سبيل المثال، اتفاقية باريس.. فهل ستكون إدارة بايدن أكثر ليونة أيضًا؟

وفي المقابل، يقاوم مستشارو بايدن هذا الادعاء بعدة طرق؛ أولاً: يجادلون بأنه سيعيد السلطة الأخلاقية من خلال دعوة الصين للتوقف عن انتهاكات حقوق الإنسان، ثانيًا: يقولون إنه يعتزم العمل مع الحلفاء للضغط على الصين لتغيير سلوكها، ثالثًا: سيستثمر في الداخل لجعل أمريكا منافسًا أقوى في مجالات مثل 5G، مؤكدين أنَّ ترامب أضعف مكانة أمريكا بالنسبة للصين على الجبهات الثلاث: إعطاء الضوء الأخضر لانتهاكات حقوق الإنسان؛ وتقويض الحلفاء مع التودد للطغاة؛ و"ترك المؤسسات والبنية التحتية الأمريكية تتعفَّن".

ويبدو أن مسار التطور في العلاقات بين البلدين لا يشغل الناخبين كثيرًا؛ فبحسب استطلاع للرأي أجرته جامعة سوفولك ويو.إس.إيه توداي في أواخر يونيو، فإنَّ قرابة الـ51% يرون أنَّ بايدن سيقوم بعمل أفضل في التعامل مع الصين، مقارنة بـ41% لترامب.

واختتمت المجلة تقريرها بسؤال مفتوح؛ حول ما إذا كان الرئيس على استعداد لاتخاذ المزيد من الإجراءات الراديكالية ضد الصين، بتشجيع من الصقور من حوله؟ وأجابت باقتضاب بأنَّ الأفكار التي نظر فيها الموظفون مؤخرًا تشمل حظر زيارة جميع أعضاء الحزب الشيوعي البالغ عددهم 92 مليونًا وعائلاتهم إلى أمريكا، أو فرض عقوبات على البنوك الصينية في هونج كونج.. واصفة إياها بأنها أفكار "استفزازية للغاية بالنسبة لترامب الآن، لكنها قد تبدو أقل أهمية مع اقتراب موعد الانتخابات".

تعليق عبر الفيس بوك