تحت المجهر..!

د. رضية بنت سليمان الحبسية

Radhiyaalhabsi@gmail.com

 

يَكْثُرُ الحديث حول القيادة التحويلية، وأهميتها في قيادة التغيير في ظل الألفية الثالثة؛ بما يتواكب مع عصر التقنيات الحديثة والمتسارعة.. لذا؛ تتطلب المنظمات قادة لديهم قدرات خاصَّة على مواكبة تلك التطورات؛ للنهوض بمنظماتهم من خلال المهارات القيادية وتنميتها لتُصبح قيادة مُلهمة؛ وذلك في سبيل تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمنظمة؛ الأمر الذي يجعل تلك القيادات تحت المجهر.

هُناك العديد من القادة الإداريين الذين يمتلكون رؤية جديدة في جميع الميادين لتحقيق التميّز المؤسسي، من خلال الكفاءة التي يتميز بها أولئك القادة، واهتمامهم الرصين بالعنصر البشري. يقول وارين بينس: "القيادة هي القدرة على ترجمة الرؤية إلى واقع ملموس"، ويقول هابيرت هامفري: "أن تكون واقعياً هو أن تكون مُلهِماً وصاحب رؤية". فالقائد المُلهِم هو القادر على استخدام رؤيته في تحفيز الأفراد لتحقيق الأهداف التنظيمية، وبتعاونٍ جاد وحقيقي من قبل الأفراد أنفسهم. فالقائد كقبطان سفينة يمخر عباب البحر بمهارةٍ عاليةٍ حينما يكون مسنودًا بفريق ملاحي كفء.

يتَّضح لنا مِمَّا سبق أنَّ بُلوغ المؤسسات غاياتها في ظل التنافسية العالمية، يتعيَّن أنْ يكون قادتها مُلهمين. وقد نشرت جامعة فرجينيا ورقة عمل للباحثة مونيكا باتريك تحددُّ فيها الخصائص الرئيسة للقائد المُلهم، يمكن تلخيصها فيما يلي:

قائد مخطط إستراتيجي: القائد المُلهِم هو مخطط إستراتيجي بارع، يخطط بهدوء وبتفكير عميق قبل البدء بالتنفيذ، فيحدِّد رُؤيته المستقبلية للمؤسسة، وكيفية العمل على تحقيقها، ينظر دائمًا نحو المستقبل، ويصمم الإستراتيجيات اللازمة التي توصله إلى تحقيق رؤيته.

قائد متواصل جيد: القائد المُلهِم هو من يمتلك مهارات التواصل الجيد، ولديه القدرة على التعبير عن رؤيته وأهدافه وإيصالها لأفراد فريقه؛ فهو المستمع الجيد والنشط للأداء والأفكار الأخرى على أساس المشاركة في الرؤية المستقبلية؛ لذلك فهو يُساعد فريقه على تحقيق رؤيتهم الخاصة وأهدافهم الشخصية ودمجها في الأهداف العامة للمؤسسة.

قائد كاريزمي: بما أنَّ القائد المُلهِم هو شخص يمتلك بصيرة ثاقبة، ولديه بصمات جيدة على من حوله، فلا شك أنه يمتلك الكاريزما، ويُعرف قاموس "Merriam-Webster" الكاريزما بأنها الجاذبية الشخصية التي يتمتع بها القائد، والتي تُمكنه من جذب واستقطاب ولاء وانتماء فريق العمل، إنها الجاذبية الطبيعية التي ترسم الطريق أمام الناس، ومع أنَّ هذه الصفات يمكن أن تكون فطرية، إلا أنه من الممكن اكتسابها وتنميتها أيضاً.

قائد منظم: يمتاز القائد المُلهِم عن المدير بحسن الإدارة والتنظيم؛ فهو لا يقوم بإدارة العمل فقط، بل يقوم به بالشكل السليم أيضاً، فيُتابع سير العمل بنفسه ليكون الموجِّه والمنظِّم الذي يبدع في إدارة الفريق، يوزع المهام ويفوّض المسؤوليات ضمن تفعيل التسلسل الإداري، قوته تكمُن في تفكيره؛ فهو منطقي عقلاني ومنظَّم، وهو من يسخِّر كل الإمكانات والطاقات الموثوقة في فريقه لتطوير المؤسسة التي ينتمي إليها ولتحقيق رؤيته.

قائد جريء: يمتلك القائد الجُرأة اللازمة لاتخاذ القرارات الحاسمة؛ لأنه يُؤمن بما يعمل ويعمل بما يؤمن به. هذا النوع من القادة يتميز بالإبداع، كما أنَّه على استعداد للمبادرة والإقدام وبشكل مدروس، ويمتلك الرؤى التي تمكنه من أخذ زمام المبادرة في الوقت والظرف المناسب.

باختصار: يقع القائد الإداري تحت المجهر من قبل المحيطين به بحكم مهامه وأدواره؛ لذا ينبغي أن يكون ذا بُعد نظر، مثالًا يُحتذى به، مصدرُ إلهام، يشحذُ الهمم، العملُ كقدوة مهنية وأخلاقية للآخرين، يتمتعُ بحماسٍ وشغفٍ للتعلم والتعليم، والعمل على إنشاءِ فرق عمل مُمَكّنَة تسهم في تحقيق أهداف المؤسسة والتميز المؤسسي من خلال نظام اتصال وتواصل فعَّال.

تعليق عبر الفيس بوك