الألعاب على الإنترنت والرياضات الإلكترونية (2– 4)

عبيدلي العبيدلي

كما رصدت الحلقة الأولى تاريخ تطور ألعاب الإنترنت نواصل هنا تتبع آثار نمو أنشطة الرياضات الإلكترونية وحجم أسواقها. يرجع البعض بروز الرياضات الإلكترونية، وبالأحرى نشأتها كمفهوم "إلى العام 1983 ميلادي على يد منظمة أمريكية معروفه باسم Twin Galaxies، حيث قام Walter Aldro Day صاحب المنظمة بعمل إحصائيات في أمريكا عندما قام بزيارة أكثر من 100 معرض للألعاب الفيديو، حيث وجد انجذاب الشباب كبير لهذا النوع، عندها قرر في إنشاء فريق باسم U.S. National Video Game Team ومهمته إدارة المسابقات والفعاليات" التي ترتكز على مقاييس الرياضات الإلكترونية القادرة على تمييزها عن ألعاب الإنترنت.

لكن هناك من يؤرخ لظهورها كمسابقة رياضية مع انطلاقة بطولتها الأولى في العام 1993، "حيث بدأت البطولات فيها والاتجاه نحو اللعبة الشهير ذاك الوقت Doom ثم Doom II ثم Quake. حينها كانت البطولات مصغره ومقتصره على تحديات لعب شبكات. ويعني ذلك تواجد الفريقين بمكان واحد". يراعى هنا سوء الاتصال التي كانت تعاني منه شبكات الاتصال من جانب، وضيق السعة التخزينية للحواسيب الشخصية من جانب آخر، وكلاهما من العوامل الأساسية التي كانت تقف وراء بطء وتيرة تطور الرياضات الإلكترونية، مقارنة بألعاب الإنترنت، او تلك التي كانت تمارس عبر شبكات محلية.

أما تحديد تاريخ انطلاق أول بطولة رسمية لهذا النوع من الرياضات، فيرجعه البعض إلى العام 1997، في أمريكا وبالتحديد في Dallas, Texas. وقد "بلغت قيمة جوائزها حينها ما يقارب مليون دولار ويتراوح عمر المتنافسين فيها من 17 سنة فأكثر".

وهناك من يؤرخ لتلك الرياضات بالعام "1952 عندما قام البروفيسور البريطاني دوغلاس بصنع لعبة تسمى (oxo)، والتي كانت جزءًا من رسالة الدكتوراه التي تقدم بها لجامعة كامبريدج، وفي العام 1958 أنشأ وليام هيجنبوثام لعبة تنس رقمية في مختبر بروكهافن الوطني في نيويورك".

لكن مع إطلالة العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، عرفت الرياضات الإلكترونية قفزة واسعة. فبحلول "العام 2006 تم رفع قيمة الجوائز إلى 500,000 دولار وزاد عدد المتسابقين إلى 700 من 70 بلدا مختلفا".

ومنذ ذلك التاريخ عرفت الرياضات الإلكترونية نموا متسارعا على الصعيدين الجماهيري والاستثماري. وأصبح العديد من التقارير يتحدث عما "أصبحت الرياضات الإلكترونية تحظى به من شعبية هائلة، مع نجوم وبطولات خاصة بها، إضافة إلى أصحاب رياضات مشهورة وبطولات تجري في ملاعب وتعطي جوائز مالية بملايين الدولارات. ومن أشهر الألعاب في الرياضات الإلكترونية، ألعاب قتالية مثل: League of Legends، وDota 2، وCounter-Strike: Global Offensive، أما أشهر الألعاب الرياضية فتأتي كرة القدم FIFA وكرة السلة". وتتحدث التوقعات أن " ومن المتوقع أن ينمو إجمالي عدد جمهور الرياضات الإلكترونية، الذين يتألفون من المشجعين المتحمسين لهذه الرياضات والمشاهدين الذين يحضرونها أحيانًا، بنسبة 15% إلى 454 مليونًا"، بحلول العام 2021. وهناك بعض التقارير الأخرى التي تتحدث أرقامها عن إحصاءات تفوق تلك التوقعات، وتشير إلى بلوغ "عدد من له علاقة بالرياضات الإلكترونية إلى ما يزيد على المليار شخص، بين متسابق، ومشاهد ومنضو في نشطة تلك الرياضات المختلفة".

أما على مستوى الإيرادات فقد نشرت شركة تحليلات صناعة الألعاب Newzoo، تقريرا في العام 2018 جاء فيه "أن إيرادات الرياضات الإلكترونية العالمية ستصل إلى 1.1 مليار دولار في العام 2019، بزيادة 27 في المائة مقارنة بالعام الماضي وسط عوائد متضخمة من الإعلانات والترويج والحقوق الإعلامية لألعاب الفيديو التنافسية. ... كما  أن استثمارات العلامات التجارية عبر تلك الطرق الثلاثة ستشكل نحو 82 في المائة من إجمالي الإيرادات، أي ما يوازي 897 مليون دولار، وفي المجمل، سيزيد دعم العلامات التجارية ثلاث مرات تقريبا مقارنة بالعام 2015".

وتتوقع “نيوزو” أنه بحلول العام 2022 يمكن أن يصل إجمالي إيرادات الرياضات الإلكترونية العالمية إلى 1.8 مليار دولار. هذا ولا تشمل توقعات التقرير، رهانات الجوائز، أو رواتب اللاعبين، أو الاستثمارات الرأسمالية في مؤسسات الرياضات أو المراهنات".

 وعند الحديث عن الإيرادات، ولو أخدنا الولايات المتحدة، على سبيل المثال، وهي من الدول السباقة في هذا الميدان، فسوف نكتشف أنها انتجت ما قيمته "409 ملايين دولار من إيرادات الرياضات الإلكترونية في العام 2019، وهي أكبر نسبة من بين جميع الدول. ومن المتوقع ان تليها الصين التي ستنتج 19 في المئة وكوريا الجنوبية 6 في المائة، بينما تشكل بقية دول العالم نسبة الـ 38 في المائة المتبقية".

ولا ينبغي هنا إغفال ما تنتجه صناعة الإعلان ذات العلاقة بهذه الصناعة.  فقد أصبح "الإعلان يمثل الجزء الأكبر من الإيرادات، فإنه من المتوقع أن تنمو مبيعات البضائع ومبيعات التذاكر بنسبة 22 في المائة لتصل إلى ما يقرب من 104 ملايين دولار، على الرغم من أن رسوم ناشري الألعاب من المرجح أن تنخفض بنسبة 3 في المائة لتصل إلى 95 مليون دولار، ومن المتوقع أن ينمو إجمالي عدد جمهور الرياضات الإلكترونية، الذين يتألفون من المشجعين المتحمسين لهذه الرياضات والمشاهدين الذين يحضرونها أحيانا، بنسبة 15 في المائة إلى 454 مليونا، ومن المتوقع أنه بحلول عام 2022 يمكن أن يصل إجمالي إيرادات الرياضات الإلكترونية العالمية إلى 1.8 مليار دولار".

ومقارنة بالأرقام العالمية ما تزال الأرقام الشرق أوسطية متواضعة، كون دخول هذا النوع من الرياضات جاء متأخرا، مقارنة مع دول أخرى، بما فيها تلك الصغيرة مثل  كوريا الجنوبية التي تعتبر من الدول الرائدة في ميادين الرياضات الإلكترونية والصناعات المرتبطة بها.

وتعد الكويت والسعودية ومصر والأردن من البلدان العربية الرائدة في منطقة الشرق الأوسط.  نقول ذلك، رغم تحقيق بعض الأبطال العرب من يمارسون هذا النوع من الرياضات جوائز عالمية من أمثال "الشاب الأردني عامر برقاوي الذي فاز بالمركز الأول مع فريقه وبلغت قيمة الجائزة التي نالها 10.8 مليون دولار والبطل العالمي اللبناني مارون نعيم مهرج الذي فاز في نهائيات كأس العالم في لعبة الـ Dota 2 الإلكترونية حاصداً مع فريقه الحصة الكبرى من الجوائز التي تفوق الـ 25 مليون دولار". لكن تبقى مثل هذه النجاحات فردية ومقتصرة على المشاركة في المسابقات، دون ان تتجذر فتصبح جزءا من صناعة متكاملة، تبدأ بالمنصات، وتعرج على مؤسسات النشر، وتتوقف عند الأجهزة والمعدات، قبل أن تنتقل إلى صناعة ألعاب الرياضات نفسها.