ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
بعد طرح مقال "مسلسل هروب عاملة هل من نهاية؟" خلال الأسبوع المنصرم، فقد لاقي صدى واسعا من قبل شرائح كبيرة بالمجتمع، وهو ما يدل على أهمية الموضوع وما يعانيه المواطنون سواء كانوا مستفيدين من الخدمة أو من أصحاب مكاتب جلب الأيدي العاملة الذين يعانون الأمرَّيْن، كذلك جراء هروب العاملة الوافدة وما تخلِّفه من أضرار ومآسٍ لا حصر لها، ووسط غياب رد من قبل وزارة العمل كونها الجهة الرقابية على الموضوع، وردنا في المقابل ردٌّ من جانب "لجنة تمثيل مكاتب استقدام العمالة الوافدة غير العمانية"، من المناسب أن يُطرح عبر هذا المقال؛ كونه مرتبطا بموضوع المقال السابق الذي تطرق لما يُعانيه المواطن من معاناة.
ومن باب طرح الآراء من كافة جوانب الموضوع، نطرح لكم رد مكاتب جلب الأيدي العاملة ممثلة في اللجنة:
"نحن لجنة تمثيل مكاتب الاستقدام، لا نشجع أبدا أي مواطن على استقدام العمالة، خاصة المنزلية، من دول الجوار؛ لعدة أسباب؛ منها: عدم وضوح قانونية إجراءات مغادرتهم من بلدهم الأم إلى مكان العمل، وأيضا مخالفتهم لإجراءات وقوانين سفارة بلدهم المعتمدة في السلطنة، كذلك لا يوجد لهم ضمان في حالة نشوب أي خلاف وبالتالي تضيع حقوق صاحب العمل الذي تجشَّم عناء السفر للحصول على عاملة منزل مناسبة، وتم طرح هذا الأمر على وزارة العمل منذ فترة طويلة، وأجازت توفير عدد 5 تصاريح عمل لكل مكتب استقدام، إلا أن هذا القرار لم تتم دراسته حسب مطالبنا كأصحاب مكاتب استقدام ولدينا الخبرة الكافية في هذا المجال وخبرتنا العملية تختلف عن خبرة المسؤول الإداري غير المُلم بواقع الحال بمعنى أننا نعلم ماذا يريد صاحب العمل، وما هي اختياراته وظروفه في اختيار العامل، ونحن كمكاتب نحاول أن نوفر ما يطلبه حسب احتياجاته وحسب اختياره، ونري أن القرار السابق ليس بذا جدوى لأنه باختصار لم يستند لاحتياجات الواقع المعاش.
وبالنسبة لكلفة الاستقدام، فالمكاتب ليس بطرف رئيس فيها، ويعتمد ذلك على العرض والطلب؛ لهذا أرسلت الوزارة سابقا وفدًا لمتابعة هذا الأمر عن قُرب في الدول المصدرة للعمالة الوافدة المنزلية، وجاءت النتيجة بأنَّ السلطنة تُعتبر من الدول معتدلة التكلفة بالنسبة لاستقدام القوى العاملة. وبالنسبة لاختلاف التكلفة من مكتب إلى آخر، فهذا تحدِّده عدة أمور؛ منها: ارتفاع الإيجارات في محافظة مسقط؛ كونها العاصمة، وبطبيعة الحال تختلف أسعار الإيجارات عن المحافظات الأخرى، كما أنَّ الأسعار تحكمها كذلك ظروف البلد المصدر للعاملة الوافدة.
ولا يخفى على الجميع أنَّ هُناك تدخلًا مستمرًا وبشكل مزعج من قبل بعض السفارات، ويتم التواصل مع الكفلاء مباشرة دون الرجوع للمكتب، ولا نخفي سرًّا بأن هناك طرفا خفيا يحرِّض العاملات على الهروب وترك العمل، والبعض منهم يتدخل في أعمال المكتب، وكان آخرها فرض بعض السفارات تعيين أشخاص من نفس جنسيتهم للعمل في مكاتب جلب الأيدي العاملة العمانية، نأمل التدخل هنا من قبل وزارة العمل ووزارة الخارجية للحد من ضغوطات سفارات البلدان المصدرة للعمالة الوافدة.
كما أنَّ هناك ظاهرة سلبية على عِلم من وزارة العمل، والتى تركت الحبل على الغارب فيما يخص تأجير نسبة كبيرة من مكاتب الاستقدام للوافدين، بحجة أن لديهم تصريحا ويعملون وفق النظم دون رقيب ولا حسيب، وقد يكون المكتب لأحد من الجنسيات الوافدة، ويديره الوافد، وصاحب المكتب العماني مجرد حبر على ورق (للتوقيع فقط)، وياليت هنا لو يكون لوزارة العمل موقف جاد وصارم في هذا الشأن للحد من هذه الظاهرة السلبية، وهذه من الأسباب التي ساعدت في عملية هروب العاملات وتشكيل مجموعات تختفي أحيانا وتظهر أحيانا وتنتقل من مكان إلى آخر بكل أريحية لعدم وجود قوانين صارمة ضدهم، حتى إن بعض السفارات تدَّعي بأن لديهم حالات هروب من سكن السفارة!
نَرى أنَّ مشكلة الهروب تؤثر على أمن السلطنة من جميع النواحي، وباتت مؤرقة للمواطن، فهل يُعقل أنَّ العامل يهرب من مطار مسقط الدولي ولا توجد أية جهة رسمية تقدم للمواطن الدعم لمعرفة آلية وطريقة هروبه أو مَن قام بنقله من داخل المطار؟ أين أمن المطار والمراقبة؟ هل يعقل بأن تجد العامل الهارب ولا تستطيع تسليمه إلى أقرب مركز شرطة أو وزارة العمل بحجة بعض الإجراءات العقيمة؟! وهل يعقل أن يكون هناك عامل هارب ويقوم بتحويلات شهرية إلى بلده بكل سهولة ودون قيود مصرفية تُذكر؟! كلها تساؤلات للجهات ذات العلاقة.
إنَّ إصدارَ لائحة تشريعية تحمي حقوق الأطراف الثلاثة (صاحب المكتب / المستفيد من الخدمة / العامل) مطلبنا الأساسي منذ العام 2011م، وتقدمنا بعدة حلول لإغلاق هذا الملف لوزارة العمل وزارة الخارجية وشرطة عمان السلطانية؛ من خلال التكثيف من حملات التفتيش بمشاركة شرطة عمان السلطانية كطرف أساسي ومسؤول عن حالات الهروب، ونحن كلجنة نؤكد بأن الوزارة لا توجد لديها حتى اليوم إحصائيات عن عدد العمال الهاربين من كل مكتب مرخص من قبل الوزارة؟!
باختصار معاناة أصحاب المكاتب عديدة، وذلك منذ 2011، نحن وبمشاركة مع المواطنين في صراع مرير لا يُوجد من يُوضِّح لنا ما هي أصلا مسؤوليتنا كمكاتب التشريعات الموجودة تختلف اختلافا تاما عن التطبيق، لا يوجد من يحمينا من تجار الشنطة والسماسرة والوافدين، خسائرنا كبيرة خلال هذه الأزمة، ولا يوجد حتى من يهتم لحالنا، أو يسأل عنا، خاصة من الجهة المعنية بالأمر وزارة العمل"!
في اعتقادي أنَّ المقال يشرح نفسه ويوضح واقع الحال بكل تجلياته، والكرة الأن في ملعب وزارة العمل التى أعتقد أن لديها عملا جادا ودؤوبا لمعالجة معضلة هروب العاملة الوافدة، وتنظيم قطاع جلب الأيدي العاملة بشكل يراعي العدالة لكل الأطراف المتعاملة في الموضوع، فهل من آذان صاغية ورد مقنع من قبلهم؟!