رسالة لكل مسؤول.. تصريحك أمانة

 

 

ناصر بن سلطان العموري

nasser.alamoori@gmail.com

كنتُ قد طرحت مقالًا سابقًا منذ حوالي 4 سنوات بعنوان "بشروا ولا تُنفروا"، يتحدَّث عن نفس موضوع هذا المقال، والظاهر أنَّ التصريحات غير المحسوبة من قبل بعض المسؤولين لا في مضمونها ولا توقيتها، ما زالت متداولة؛ بل أعتقدُ أنها قد زادت في الفترة الأخيرة! عندها لم أجد بُدًا من كتابة مقال آخر لتسليط الضوء على الموضوع؛ كونه ما يزال يطفو على السطح.

ما أودُ التركيز عليه هنا هو المسؤول القابع على كرسيه الوثير، يُلقي بالتصريحات البَرَّاقة جزافًا عبر منبر إعلامي أو موقع إخباري هنا أو هناك، بعلم أو دون علم، عبر وسائل التواصل، دون إدراك منه أنَّ أحد تصريحاته قد تتسبب في أزمة لفئة معينة من الباحثين عن العمل أو المُسرَّحين، أو قد يكونوا من المُتقاعدين أو يمس التصريح ظاهرة معنية مؤرقة يُعاني منها المجتمع.

المُستغرَب ما ظهر في الآونة الأخيرة من تصريحات أقل ما يُقال عنها أنها مُستفزة من قبل بعض المسؤولين، ارتدت بالسلب على الرأي العام؛ فالوضع الراهن لا يحتاج لتصريحات سلبية، حتى وإن كان بها جانب من المصداقية، نعم نُطالب بالشفافية والوضوح، لكن ليس بتلك الصورة المُفزِعة المُقلِقَة؛ مما قد تُولِّده هذه التصريحات من استياءٍ وعدم رضا لدى الرأي العام، وقد يرتد عكسيًا من خلال أفعال غير مقبولة، أو غير مُستساغة لدى البعض ولا حتى محمودة العواقب.

كان من المفترض مراعاة ردة الفعل العكسية التي تُولِّدُها مثل هذه التصريحات، والعجيب أنها تتنوع وتتلوَّن باختلاف القائل أو الموضوع؛ فهناك تصريحات ربما تزيد الوضع سخونةً، وأخرى استهزائية تزيد الوضع سخطًا، وغيرها من تصريحات تدل على عدم اكتراث قائلها بما يُعانيه المجتمع من مشكلات شتى.

السؤال الطارح لنفسه: ألم يحصل بعض هؤلاء المسؤولين على دورات تخصصية، وبرنامج تدريبي تأهيلي على كيفية مواجهة وسائل الإعلام وكيفية إطلاق التصريح الأنسب في التوقيت الأمثل عبر القنوات الإعلامية؟ أم أن هناك توجهًا لدى البعض لرفع سقف التنبؤ السيئ من خلال التصريحات غير المدروسة للتمهيد والاستعداد للقادم الذي قد يكون أقل سوءًا مما ذُكر؟ وهذا ما يُطلق عليه معرفة "رجع الصدى" من قِبل المُتلقي للخبر وهو معمول به في العديد من الدول.

المسؤول- وإن كان حديث عهد بمؤسسته- فمن الطبيعي ألّا يكون عنده ذلك الإلمام الكافي وربما يقع في فخ بعض الأسئلة المُراد منها دس السم في العسل، وعوضًا عن إطلاق تصريحات استفزازية، عليه أن يتفرَّغ للقيام بدوره الرئيس المنوط به، من خلال رسم سياسة وحدته الحكومية ومتابعة تنفيذ سياستها على أرض الواقع وهذا من المفترض أن يكون دوره الأصيل.

وإحالة أمر التصريحات الإعلامية والبيانات الصحفية لمن تم تعيينهم متحدثين رسميين للوحدات الحكومية، كما إن على جهاز التواصل الحكومي رصد ما يتم تداوله في الوسائل الإعلامية المختلفة وتوجيه الوحدات بكيفية الرد أو ما يجب اتخاذه كإجراء للتوضيح للرأي العام خاصة تكلم المواضيع التي تمس المُجتمع وتُثير الجدل.

لا ضيرَ من بعض التصريحات التي قد يُلزم بها المسؤول في إطار عمله، لكن يجب أن تخرج منه بحنكة وخبرة ومعرفة، مُغلَّفة بإطارٍ من التفاؤل، وهنا يكمُن الفارق في الأسلوب؛ فالحديث الحسن المتفائل مطلوب لاستلطاف النفوس، وتشجيعها على أنَّ القادم بإذن الله أجمل، متى ما توافرت المقومات لإنجاحه؛ فالكلمة لها وقع على النفس أشد من وقع الحُسام المُهنَّد.

الأكثر قراءة