إلى كل من يهتم بالأمر

 

ناجي بن جمعة البلوشي

بعد التحية والتقدير والاحترام، يُشرفني أن أكون محاورا مطلعا لا قانونيا متبحرا، ورغبة مني لما فيه مصلحة الوطن العليا دون الميل إلى أي من الكفتين في النصاب، فأسعى إلى تقريب وجهات النظر المختلفة في شأن تعميم وكيل وزارة العمل والتصعيد من قبل الاتحاد العام لعمال السلطنة؛ فعند الاختلاف دائما ما تكون فرصة الحوار أكثر حضورا وتواجدا .

وإذا أردنا أن نبتدئ هذا الحوار من نقطة الانطلاقة، نقول إنها كانت من آلية اتخاذ القرار التي عبر عنها الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان دون الأخذ برأيه أو مشاركته فيما ستتخذه وزارة العمل من قرارات أو تعاميم، وهنا نرى أنَّ الاتحاد العام تداخل فهمه بين الشراكة وبين سيادة الوزارة في اتخاذ قراراتها وتعاميمها الداخلية؛ حيث من المعلوم أنَّ لكل وزارة نفوذ سلطة حددتها القوانين والمراسيم السلطانية في اتخاذ ما هو مناسب من تعاميم وقرارات تخص الوزارة؛ فالتعميم الجديد كان داخليا يعني أساسه فك الارتباط والتدخل بين الوزارة والمتعاقدين بعقد العمل والاكتفاء بالتقيد بحقيقة عمل الوزارة وهو تسجيل واعتماد كل العقود تحت مظلة القرار الوزاري المحدد للحد الادنى للأجور بما يعنيه ذلك من إتاحة الفرصة لطرفي الإنتاج وهما كلٌّ من: صاحب العمل والعامل، في تحديد الأجر اللازم للتعاقد دون تدخل الوزارة إلا بما هو قانوني امتثالا للقرار الوزاري رقم 222/2013. أما إن كان الاختلاف يراه الاتحاد العام في الحد الأدنى للأجور ذاته وغير راض عنه، فكان عليه انتقاده منذ زمن بعيد ودراسته مع وزارة القوى العاملة سابقا. ولا أظن أن هناك صلاحية للاتحاد في المطالبة برفع أو تغيير الحد الأدنى للأجور؛ لأنه جهة وعمله يختص بشأن العمال أنفسهم لا بالقوانين والتشريعات المنظمة لعملهم.

وعن اختصاصات عمل الاتحاد العام لعمال سلطنة عمان ومعرفتها، فهل هي في إصدار أو طلب إصدار القوانين والتشريعات، أم ممثلة في المطالبة بحقوق العمال والتقيد والالتزام بواجباتهم بموجب القرارات والتشريعات الصادرة؟ ففي حقيقتها تتمثل في المطالبة بحقوق العمال وإرشادهم وحثهم على القيام بواجباتهم بعد كل قرار وتشريع لا قبله، ومثال ذلك إذا صدر قرار بتحديد ساعات العمل وجب على الاتحاد حث عماله على الامتثال للعمل في تلك الساعات تنفيذا للقرار الملزم لهم، أما في جانب الحقوق فعلى الاتحاد المطالبة من جهة إصدار القرارات بتنفيذ القرارات الملزمة على صاحب العمل تجاه العمال، ومثال ذلك إذا صدر قرار بتحديد ساعات العمل، فإنَّ الاتحاد يطالب جهة إصدار ذلك القرار بإلزام صاحب العمل بالتقيُّد بتنفيذ ذلك القرار.

وفيما يتعلق بالشراكة بين الأطرف الثلاثة؛ وهم المنظمون لبيئة سوق العمل وتمثلها الوزارة المعنية، وصاحب العمل ويمثله غرفة تجارة وصناعة عُمان، والعامل ويمثله الاتحاد العام، فإن هذه الشراكة أصلها يكون فيما اختلف عليه من تنفيذ للقرارات بين صاحب العمل والعامل بوجود المنظم ليضع الحلول المناسبة، لا أن يلزم طرف على حساب طرف دون أي قرار وتشريع  وقانون؛ فلا يجوز للمنظم أن يكلف العامل بما يطلبه منه صاحب العمل دون وجود قانون، كما لا يجوز له أن يكلف صاحب العمل بما يطلبه العامل دون قانون، ومثال ذلك إذا صدر قرار بتحديد ساعات العمل بتسع ساعات عمل يوميا التزم الطرفان بذلك، فإذا قام صاحب العمل برفع عدد ساعات العمل في منشأته كان على اتحاد عمال سلطنة عمان التدخل بطلبه من الوزارة بإلزام صاحب العمل بالتقيد والالتزام بالقانون كما أن العكس صحيح.

ولأننا في سياق العمال وفرص العمل، فلقد غادر السلطنة مؤخرا 222 ألف مغترب، كانت لديهم مهن في السلطنة، وهذا يدل على وجود فرص للعمل وحقيقية كانت بأيدي الغرباء، ومن المفترض أن تكون لأبنائنا إذا ما شجَّعناهم عليها، وكواجب وطني كان مستوجبا على الاتحاد وممثليه حث العمال العمانيين على الحضور والحصول على مثل تلك الفرص، وحثهم على الانخراط بالعمل في كل وظيفة ومهنة كان يشغلها المغتربون، بل وتشجيع كل العمال العمانيين على ذلك، لكنه بردة فعله تلك يكون على العكس.

وأُبدي استعجابي واستغرابي من بعض أولياء الأمور موافقتهم لابنائهم الجامعيين بالعمل تحت مظلات بها رواتب لا تزيد على 200 ريال دون أي عقد مكتوب أو مصدق، ولا به أي ضمانات اجتماعية ولا هو لاكتساب الخبرة العملية والمعرفية، بل فقط لانتظار فرص عمل حكومية أو فرص عمل كتبها ذاك الجامعي في مخيلاته، وأقول لهم فلنفكر بأنَّ الخسارة الزمنية التي يقضيها ذلك المتخرِّج تلغي كل ما تعلمه وسعى له، وهذا بدوره يعني عكس ما يطلبه الزمن والواقع؛ فمن أكثر المرغوبات فيمن يتقدم إلى أي وظيفة حصوله على شهادة الخبرة الزمانية، وفي النهاية أقول لكل من يهتم بالأمر ان يهتم به من حيث أراد.