المرحلة الطموحة لرؤية "عُمان 2040"

 

 

عبدالله العليان

في خطاب جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- في الثالث والعشرين من فبراير الماضي، حدَّد جلالته المسار المقبل الذي ستسير عليه بلادنا -بإذن الله- خلال المرحلة المقبلة في الخطة الاقتصادية المقبلة، التي أصبحت على الأبواب في تنفيذها، وقال جلالته في هذا الأمر: "إننا نقف اليوم، بإرادة صلبة، وعزيمة لا تلين على أعتاب مرحلة مهمة من مراحل التنمية والبناء في عمان، مرحلة شاركتم في رسم تطلعاتها، في الرؤية المستقبلية (عمان2040)، وأسهمتم في وضع توجهاتها وأهدافها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ بما يجسد الرؤية الواضحة، والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارا ونماء، وإننا لندرك جميعا التحديات التي تمليها الظروف الدولية الراهنة، وتأثيراتها على المنطقة وعلينا، كوننا جزءا حيا من هذا العالم، نتفاعل معه، فنؤثر فيه ونتأثر به".

لا شكَّ أنَّ الأهداف والتوجهات التي رسمها جلالته -وفقه الله تعالى- في هذا الخطاب، تحتاج من جهات الاختصاص والمتابعة لهذه الخطة، أهمية التجسيد والتطبيق الكامل لما تمَّ تحديده وتخطيطه، إلى واقع ملموس، كما وضع لها من برامح ومحددات، وبما يضمن لهذه الخطة الإستراتيجية الطموحة النجاحات المستمرة عند تنفيذها دون معوقات، لتحقيق الأهداف المرجوة التي حدد معالمها جلالته المفدى في هذا الخطاب المشار إليه وما تحدث عنه قبل ذلك، ومن هذه الأسس والمحددات التي ستكون ضمن هذه الخطة الإستراتيجية: أهمية الارتقاء بالتعليم والتأهيل، يسيران معاً جنباً إلى جنب، برؤى جديدة ومتجددة، مع الثورة المعلوماتية ونتاج تقنياتها العلمية، وكذلك أهمية تنويع مصادر الدخل القومي، مما تزخر به بلادنا من ثروات طبيعية هائلة في مجالات متعددة، وبما يعزز التطوير والتخطيط السليم في مراحل الخطة التي ستبدأ بعد أشهر قليلة.

ولا شك أيضا أن الخطة الإستراتيجية الماضية 2020، تم النظر إليها ومراجعتها، بما لها وما عليها، بهدف معرفة ما قامت به، وما حققته ولم تحققه، وأصبحت الآن في ذمة التاريخ، ونحن نستشرف الرؤية الجديدة 2040، والتي -كما أشرف عليها جلالة السلطان قبل سنوات- بتوجيه من السلطان قابوس -طيب الله ثراه- تم الإعداد لها جيداً كما نعلم، من الخبرات والكفاءات من أصحاب التخصصات الفنية، والاقتصادية، والتكنولوجية، ومن أصحاب الشأن الاقتصادي، مع الاستعانة بخبرات خارجية من أكثر منذ عامين تقريباً؛ بهدف أن تكون الخطة مستفيدة من كل الأفكار والقدرات والخبرات، وعقدت العديد من الندوات والحوارات والمؤتمرات، إلى جانب ورش العمل الخاصة ممن يشارك ويعمل بها وفي وبرامجها.

وهذه بلا شك أعطت الخطة آفاقاً ومحاور رؤيوية مهمة، تابعتها عن بُعد بشغف واهتمام، لأن الظرف الراهن الاقتصادي والتنموي يحتم أن تتحقق للخطة المقبلة المقومات اللازمة للنجاح، فالخطة الإستراتيجية الماضية 2020، الصيغة النظرية لها كانت ممتازة، لكن كما يرى بعض الخبراء والمهتمين الذين تابعوا رؤيتها، لم تتم متابعتها مرحليًّا، كل خمس سنوات مثلاً، ماذا تحقق من هذه البرامج التي طُرِحت؟ وماذا تم فيها من إنجاز وما لم يتم؟ ما هي الإخفاقات في مسارها؟ إلى جانب أنها لم تستعن بالخبرات المجتمعية ورجال الأعمال والشباب إلخ: وهذا ما راعته واهتمت به الخطة الإستراتيجية 2040.

لذلك؛ فإنَّ مسار هذه الخطة بإذن الله سيكون مختلفاً وإيجابيا عما سبقها، من خلال ما تم فيها من جلسات وحوارات نقاشية، وقد أشرتُ في أحد المقالات، إلى البيان الذي صدر من المجلس الأعلى للتخطيط، عن خطة تنفيذ، التي يتم الإعداد لها منذ عدة سنوات، وجاء البيان كما جاء في صيغته: لقد "تم خلال مراحل إعداد الخطة إشراك شرائح مجتمعية واسعة، شملت القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، والشباب من خلال المؤسسات التي ينتمون إليها، إضافة إلى مختلف الوزارات والهيئات الحكومية، وذلك بهدف أن تأتي الخطة معبرة عن تطلعات كافة شرائح المجتمع، وللتأكد من مدى مصداقية أهدافها ومركزاتها. كما عقدت حلقات نقاشية امتدت لأكثر من 40 حلقة، استهدفت التعرف على مرئيات الوزارات ومختلف الهيئات فيما يتعلق بالأهداف والمرتكزات المقترحة للخطة".

لذلك؛ نأمل أن تستمر المتابعة الفنية والعلمية والبرنامجية، بنفس الوتيرة؛ بحيث تنطلق الخطط كما حُدِّد لها من قبل، خاصة مراحل التنفيذ التي تم تحديدها مع المراجعة المستمرة، بعيداً عن التنظير دون التطبيق الفعلي للخطط، وهذا ما نتمناه أن يتحقق بالصورة التي رسمت دون إبطاء.