الحكومات الرشيقة والأداء بالنقاط

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

سلوك الفكر لم يقف عنده الكثيرون للوصول إلى الناتج الفعلي للأمم والسبب الرئيسي في ذلك هو دفء الجمع في الاعتقاد أن ما يؤمنون به وما يفعلون هو الأفضل والصحيح وإذا أضيفت إليه صفة الإنسان العامة وعلى مر الزمن تلك المقاومة العنيفة للتغيير وهو أمر بحاجة إلى شرح كبير ومُفصل.

فبمثال قريب من الواقع لو أن موظفاً من أي وزارة زار المستشفى لغرض العلاج وتأخر لساعة في مُقابلة الطبيب وقُدم له سؤال عن مستوى رضاه عن سرعة التعامل معه، فقد يذكر بعض المُلاحظات عن التأخر في الزمن الذي يرى أنه كان يجب أن يتم التعامل معه فيه، ولو أن الممرض أجابه: وماذا عن ملف مُعاملتي في مكتبك الذي قد يكون أكمل الأشهر ولم تنجزه؟! فإنَّ الرد مؤكداً سيكون حاضراً وبقوة بأعذار، هو يؤمن إيماناً مطلقاً أنه على حق وكل سيدافع عمَّا يؤمن به، وكذلك ما يقوم به، ولكن السؤال الأهم من ذلك: لماذا ترك موظفان يُؤديان واجبهما في سؤال ونقاش بل والحاجة إلى إثبات للوجود والذات ودون أدلة دامغة؟ الإجابة هو نظام واستراتيجية الأداء والعمل والإشراف الفعلي من ذوي المسؤولية الأعلى والذين كان يجب أن يكونوا على مستوى الفكر والمعرفة والتمكن ومن جميع الجوانب.

اليوم سأطرح توضيحاً لأسلوب مُبسط وسهل فإذا وجدت الرغبة الفعلية من قبل المسؤولين لتطبيقه فقد يكون مفيداً إلى حد بعيد، شريطة أن يكون هناك العدد المناسب من المتحمسين للإقدام والعمل بسرعة وإيجابية.

أولاً سأطرح فكرة النقاط على الجوانب التجارية وهذا سيكون عملياً ومفيداً للشركات الحكومية وهو كالتالي: لو أخذنا المثال على نظام صيانة سفينة تجارية في حوض جاف في أي مكان من العالم، فإنَّ الشركة التي ستقوم بالصيانة أعطت رقماً من المال مُقابل ذلك العمل، وهذا الرقم أُعطي بناءً على عدد من النقاط تم توزيعها في حجم العمل فمثلاً صيانة المُحرك مئة نقطة، صيانة التوصيلات الكهربائية خمسين نقطة، صيانة أجهزة الاتصال خمسين نقطة، وهكذا حتى تم احتساب 10 آلاف نقطة عمل، ومُقابل هذا العدد من النقاط يجب أن يكون هناك وقت محدد بالدقائق مقابل كل نقطة، فإذا قمنا بتوزيع النقاط على الوقت وتوزيعها بكل شفافية وعدالة على كل عامل، فإنَّ إنجاز كل عامل معروف ومحسوب بدقة متناهية، ومن السهل متابعتها ومعرفتها وإنجاز العمل في الوقت الصحيح وبكل سهولة ويسر وربحية.

الجانب الآخر يتمثل في العمل الإداري في كل وزارة أو أي دائرة أو أي جهة تقوم بالعمل الإداري وكالتالي: موظفو أي حكومة في أي دولة في العالم يوصفون بعدم الأداء الجيد؛ وهذا الأمر غير دقيق تماماً، وبعيدا كل البعد لأن يكون صفة فيهم، غير أنهم قد يجدون أنفسهم إما في بيئة عمل غير منظمة أو أن يتساوى الأداء بين الموظفين، والنتيجة متساوية والترقية مرتبطة بزمن مُعين يتساوى فيها الجميع مهما كان مستوى عملهم، وكذلك غياب القيادات الكفؤة الواثقة التي تستطيع ودون تردد مكافأة المجيد ومحاسبة المقصر، وهنا سأضع فكرة نظام النقاط الذي يمكن أن يكون مفيدا إلى حد بعيد، كما يمكن تطويره والإضافة عليه باستمرار حتى يصل إلى الرشاقة من الأداء ما يجعل الدول في نظام إداري متطور وصارم ودقيق.

أولاً.. على جميع تلك الجهات إعطاء نقاط محددة لكل عمل مثل: تنفيذ رسم مساحي (3 نقاط)، التقرير المعين (3 نقاط)، الزيارة الميدانية (4 نقاط)، الفصل في أمر ما (5 نقاط)، خطاب اعتيادي (نقطة واحدة)، ساعة عمل الجرافة (نقطتان)، الحصة الدراسية (3 نقاط)..

تلك أمثلة بسيطة استرشادية فقط، ويمكن من خلالها قيام متخصصون بحصر كل الأعمال التي يقوم بها أي موظف حكومي وإعطائها ما يرونه مناسباً من النقاط؛ ففي البداية سنستطيع حصر 50 في المئة مما نحتاج، وبعد فترة وجيزة سنصل إلى عمل رائع في هذا الجانب، وعلى كل موظف حكومي أن يدخل برقمه السري، وأن يكون النظام مؤهلاً لإعطاء كل موظف حقه وسينتج عن ذلك التالي:

سنعرف تماماً وبدقة عمل كل موظف، وسنعرف مدى تقدم العمل وبدقة متناهية، وسيكون واضحاً مدى الحاجة لإعداد الموظفين في كل مكان، وسنطّلع على مدى الحاجة أصلاً للموظف في هذا المكان أو إلحاقه إلى أي مكان تكون الحاجة إليه أكثر، وسيُظهر النظام المتميزين أو أولئك الذين هم بحاجة إلى توجيه أو مساعدة، وسوف تقل حركة السير في الطرقات بين موظف ذاهب للعمل وبين مواطن يتبعه إلى أداء معاملاته، وسيتيح هذا النظام فرصة لا تعوض للعمل عن بُعد أو اختيار الوقت المناسب للموظف وحضوره الدائم في وقت مبكر، كما يمكن لأي موظف اختيار الوقت المناسب للعمل نظراً لأن محاسبته ستكون بالنقاط وليس بالحضور الذي قد لا يكون مفيداً.

من المهم إعطاء حافز من خلال النظام لصالح المبدعين الذين يقترحون دوماً الأفضلية في الأداء.

وكما أذكر دوماً أنني أُعطي خطوطاً عريضة واسترشادية، ويمكن فيما بعد للمتخصصين صياغتها بطرق أفضل.