ناجي بن جمعة البلوشي
عندما تُركز شعبة من النَّاس على إيجاد حلول اقتصادية لدولة كلفتهم بذلك فإنِّهم في الحقيقة لا يركزون على ابتكار اقتصاد جديد لتلك الدولة وما يحتاجه اقتصادها أو ما يمكن أن يبدلوه أو يغيروه في استنتاجهم لاقتصادها، بل هم في الحقيقة يركزون فيما لم تقم به تلك الدولة بعد وينتقون نواقصها الاقتصادية المتواجدة في دول أخرى، أو بمعنى آخر البحث عمَّا ينقص تلك الدولة من اقتصاد وعوائد مالية لم تقم بها السلطات حتى لحظة بدء عملهم المتقن.
إذن هم يبحثون عن النواقص دائماً ولا يبحثون في أفكار عقولهم أو فيما هو جديد، وهذا أسلوب كل الاقتصاديين العاملين في الشعب الإحصائية أو ذوي الدراسات البحثية أو الحلول المساعدة في رفع اقتصاد دولة ما من حال إلى حال أفضل لها، وقد سهل لهم هذا العمل حيث إنهم وجدوا مفاتيح الحل عند تجارب الدول الأخرى التي قامت بنفس هذه الطريقة من قبل، هذه الطريقة التي أصبحت من أفضل الطرق سرعة في إنجاز العمل المناط إليهم دون كثير من التساؤلات والمعاتبات من قبل المكلفين لهم فالاستشهاد بأمثال تلك الدول أصبح شيئاً اعتيادياً ومقنعاً.
فالضريبة الانتقائية مثلاً طبقت في دول قريبة من بلادنا فقمنا بتطبيقها وحصلنا على 400 مليون ريال دون الكثير من العناء، وها نحن الآن ذاهبون إلى ضريبة القيمة المضافة التي طبقتها دول قبلنا بثلاث سنوات ماضية وكانت تجربتها لها بأنها ذات مردود مالي مقنع، هذا الأمر الذي جعلنا نتوجه إلى تنفيذها بعد أن أخرناها في الفترة الماضية.
ومن منطلق حرصنا على المشاركة بالرأي خاصة بعد معرفتنا بالأخبار الواردة بأنَّ مجلس الدولة قد رفع مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة إلى المقام السامي، لنصبح بذلك قريبين من تطبيقها وإثر ذلك التطبيق ستحصل الدولة على عوائد مالية جيدة مع تأكدها المسبق بأن هذا التطبيق لن يُؤثر على السوق خاصة- من وجهة نظرنا- إذا ما تناسب في قانونها الأمران إما النسبة المئوية التي من الأفضل أن تكون 3% بداية وترتفع كل عامين، أو وقت التنفيذ المناسب الذي نظنه مناسباً بعد الربع الأول من العام القادم أو بداية منتصف العام المُقبل.
بعد قراءتنا هذه نقول إن هذا هو ما نطلق عليه اقتصاد الدولة، فالدولة تركز على اقتصادها أولاً دون العناية التامة فيما يتبع هذا الاقتصاد من سلبيات أو إيجابيات، كما أن هناك من هم جاهزون لانتقاد الدولة واقتصادها ليركزوا في انتقادهم على دولة الاقتصاد، إنهم يعتقدون أن كل الدولة مرتبطة باقتصاد واحد يمثلهم قبل أن يمثل الدولة ذاتها فلا عوائد نفطية مثلا دون وجود شركات الاستكشاف والاستخراج والتكرير والنقل ..... إلخ، ولا عوائد مالية من ضريبة القيمة المضافة إذا كانت الشركات ضعيفة ومزاجات السوق متذبذبة، لذلك تراهم يبحثون ويركزون فيما قامت به الدول من تجارب ويقارنوه بما تنوي أن تقوم به الدولة ولتأكيد ذلك يسوقون نماذج لما قامت به دول وكيف أمست بعد أن تمَّ تطبيق شيء من مثل تلك السياسات الاقتصادية وهذا ما نُطلق عليه دولة الاقتصاد، فالجميع يبحث عن بقاء له في الاقتصاد مع إثباته لذلك بكثير من نماذج تجارب الدول، لكنهم يفعلون ذلك دون أن يفكروا ملياً بأن كل شيء ممكن عندما نستنتج من تجارب الآخرين ونقيسه بما يفيدنا.