بين الرحبي والحارثية.. فرق توقيت!

 

سلطان بن سليمان العبري

Sultan12444@gmail.com

أدارت رواية "سيدة القمر" لجوخة الحارثية زاوية الاهتمام بالأدب العُماني، ليس على مُستوى الخليج والوطن العربي وحسب، بل وفي العالم كله، فبكلمات إنجليزية مُتقنة جراء دراستها في إدنبرة بإيرلندا، ووسط تصفيق حاد من جمهور كبير لمعرفة الفائز بجائزة "مان بوكر" قدَّمت جوخة الحارثية وطنها للعالم بطريقة مُتحضرة، وأوصلت رسالة للعالم أنَّ لدينا ليس فقط أسماء ذكورية لها صولات وجولات في عالم الأدب عموماً بل إن لدينا أصوات نسائية مُهمة في عالم الأدب عموماً والرواية خصوصاً.

ولعقود خلت ظل اسم أستاذنا الكبير سيف الرحبي مسموعاً في الوطن العربي، نظير ترؤسه لمجلة "نزوى" والأهم لتجربته الشعرية، وقد توافق ذلك مع تجربة حقيقية عاشها الرحبي بحضوره الفعلي ومعايشته ومُزاملته لكبار الكتاب في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين من جهة ومع كبار كتاب مصر والخليج العربي من جهة أخرى، ولعبت العلاقات الشخصية و"الكاريزما" التي امتلكها الرحبي دوراً كبيراً في حسن تقديمه للوطن العربي، فيما احتاج كثيرا من الأدباء العُمانيين لقليل من تلك "الكاريزما" ليتوجوا حضورهم الأدبي مع حضورهم الشخصي في الخارج.

ذلك أنَّ الإنسان العُماني بطبعه مُتواضع وغير متكسب ولا يسعى للظهور في عالم مليء بالمُداهنة والزيف والخداع، ولهذا لم يصل صوت شعراء كبار كعلي الرواحي، الذي كان من المفترض أن يكتب أغنية أو أكثر لفيروز في إحدى مهرجانات مسقط، دون أن يرى المشروع النور لكنه ترشح للكتابة جراء شاعريته المُتدفقة، فيما كتب بعض النُّقاد العرب عن شاعرية خالد المعمري، كما أن الفوز الخجول "إعلامياً" لبعض نصوص الخطاب المزروعي، لم يعُد عليه بالشهرة والمجد، رغم أنَّه فاز عن عمله المذهل "سيرة الخوف" بجائزة أفضل مجموعة قصصية عربية صدرت في العالم 2014م، في استفتاء هام نظمته مجموعة كتاب آسيا وأفريقيا في اليمن، حيث فاز مع "200 أقصوصة" من بين 67000 متسابق حول العالم أرسلو قصصهم لمتحف الكلمة في مدريد، كما لم يحظَ أديبنا سليمان المعمري بما يستحق إعلامياً، رغم فوز مجموعته القصصية "الأشياء أقرب مما تبدو في المرآة" بجائزة يوسف إدريس العربية عام 2007؟

 فلماذا تفوق "بوكر" لجوخة الحارثية 2019 على كل الإنجازات الذكورية التي سبقتها؟

يعود ذلك أولاً لعالمية الجائزة وشهرتها، وثانياً لتزامنها مع جيل عالمي يُتابع يوتيوب وفيسبوك وتويتر، تبين من خلالها العدد الهائل الذي شاهد الحفل الختامي للجائزة باهتمامهم بخبر فوز أول عربية بالجائزة قد بثته فضائية "Euro news"  أهم فضائية في العالم بعدCNN  في أمريكا.

وللتقدير فإنَّ كل عمل عُماني يُعتبر إضافة، سلباً أو إيجاباً، لكن ليس كل أديب عُماني بإمكانه أن يصل لمكانة عالمية، إذا لم ينتشر عمله عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت يداً جديدة إضافية غير اليد التي تكتب، وعقلاً إضافياً يُساعد العقل الطبيعي في سرعة التقديم والانتشار عبر الكون الذي بات قرية صغيرة في زمن "الديجتال"!

تعليق عبر الفيس بوك