العالم يختنق

"الانغلاق الحدودي" يقوض فرص الاقتصاد العالمي في التعافي

 

ترجمة - رنا عبدالحكيم

قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إنه من الصعب جدًّا في الوقت الحالي تخيُّل تهديد أكبر لرفاهية العالم من جائحة "كوفيد 19"؛ فالوباء أصاب الاقتصاد العالمي في مقتل؛ خصوصاً مع توقعات البنك الدولي بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي للعالم لأكثر من 5% هذا العام، وهو كساد عالمي حقيقي أسوأ بكثير من الانكماش في عامي 2008 و2009.

وتتبعت المجلة مراحل تفشي المرضي منذ بداية ظهوره لأول مرة في الصين قبل حوالي تسعة أشهر من الآن، مُبرزة حجم التأثير الكبير لإغلاق الحدود الدولية والمعابر الحدودية البرية، التي بدأت بعض الدول إعادة فتحها جزئيًّا كضوابط وتدابير احترازية لوقف الوباء العالمي.

ولفتت المجلة إلى أن هذه الاحتياطات الحكيمة كما أفسحت مجالا لرسالة أكثر خطورة مفادها أنَّ أفضل طريقة لدولة ما لحماية نفسها من الفيروس هي إبعاد الأجانب وتقليل اعتمادها على السلع الأجنبية، إلا أنها أوجدت حالة أكثر إثارة للقلق وهي احتضان هذا الشكل الجديد من النزعة القومية للمهاجرين من قبل الدول التي لا تزال تعتبر منارات الليبرالية. ضاربة المثال بكندا، والتي قامت بعمل أفضل من جارتها الجنوبية في السيطرة على الفيروس، حيث أصبح المواطنون مُعادين للغاية لوجود بعض الأمريكيين المسموح لهم بالدخول؛ لدرجة أن البعض أخذ يشوه سيارات تحمل لوحات ترخيص أمريكية.

ونقلت "فورين بوليسي" عن جون هورجان رئيس وزراء مقاطعة كولومبيا البريطانية الغربية، تعليقه بالقول "إنَّ الأمريكيين القلقين بشأن سياراتهم يجب أن يغيروا لوحات ترخيصهم (وهو ما سيكون غير قانوني) أو أن يركبوا الدراجة". وبحسب المجلة، فقد بدا وكأنه يتغاضى عن كراهية الأجانب والتخريب حين قال: "لا أستطيع أن أخبر الناس كيف يردون عندما يرون لوحات من الخارج"، واستطراده بأن النجمة العالمية في مكافحة الوباء هي نيوزيلندا، التي قضت على الفيروس لفترة وجيزة وأبقت حدودها مغلقة أمام جميع المواطنين الأجانب على أمل منع تفشي المرض في المستقبل. إنه انعكاس مخيف للجدل العالمي الذي مفاده أن العزلة الذاتية لدولة جزرية أصبحت فجأة نموذجًا للسيطرة المستنيرة على الوباء.

وترى المجلة الأمريكية أنه يجب على الحكومات أن تبدأ فورًا وضع خطط لإعادة فتح حدودها بأمان، كما يجب ربط هذه الخطط بشكل وثيق بالمقاييس الصحية والتوسع في إجراءات الاختبار والتعقب للسيطرة على الفيروس وطمأنة المواطنين، مضيفة بأنَّ الوضع الحالي يتطلب أن تعمل البلدان معًا بشكل وثيق لوضع نهج مشترك لتنسيق تدابير الصحة العامة وإعادة فتح الحدود تدريجيا ولمشاركة التقنيات مثل تلك الخاصة بالاختبار والتعقب.

وعلى ما يبدو -من وجهة نظر "فورين بوليسي"- أنَّ الأهم من ذلك أن تغير حكومات العالم من رسائلها للمواطنين؛ فالحد من انتشار "كوفيد 19" مشكلة عالمية وليست مشكلة وطنية، ومن ثمَّ فلن يكون أي بلد آمنًا ما لم تتم السيطرة على الفيروس في كل مكان؛ فمن الضروري أن يصبح الوباء مثالاً على كيفية تعاون العالم كله لحل مشكلة مشتركة؛ كي لا يُصبح الوباء دراسة حالة تاريخية في كيفية تفريق الأزمات بين البلدان.

تعليق عبر الفيس بوك