مطالب بتسريع العمل على إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية في مُختلف المحافظات

إسدال الستار على أمسيات "الغرفة" حول تداعيات "كورونا" على القطاعات الاقتصادية.. ورفع التوصيات إلى "اللجنة العليا"

 

 

الرُّؤية - نجلاء عبدالعال

على مدى أسبوعين، نظمت غرفة تجارة وصناعة عُمان عددا من الأمسيات الاقتصادية التي تعمَّقت في دراسة تأثيرات جائحة كورونا على مُختلف القطاعات الاقتصادية في السلطنة، وذلك بالتَّعاون مع اللجنة الاقتصادية المُنبثقة عن اللجنة العُليا المكلفة ببحث آلية التَّعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد19)، ومن المُقرر أن تُرفع كافة المُقترحات المطروحة في سلسلة الأمسيات إلى اللجنة العُليا.

وخُصصت آخر هذه الأمسيات لمُناقشة تأثيرات الجائحة على قطاع الأمن الغذائي، بدءًا من الزراعة والاستثمار الزراعي إلى الاستثمارات والتسويق للمُنتج النهائي والتحديات التي تُواجه مراحل الغذاء ومُقترحات تخطيها. وأكد الخبراء المُشاركون في الأمسية أنَّ السَّلطنة قادرة على أن تكون مصدر غذاء ليس فقط لنفسها، لكن أيضاً لمنطقة الخليج بالكامل؛ إذا ما استغلت المساحات والإمكانيات المُختلفة في السلطنة، بنطاقات زراعية ورعوية وتكاملية في الإنتاج والتصنيع للمنتجات الزراعية. واقترح الخبراء تسريع وتيرة العمل لإنشاء الجمعيات الزراعية والتكاملية بين المناطق والمنتجات، وتقديم تسهيلات تمويلية للأفكار الابتكارية في القطاع.

وشارك في الأمسية كل من سيف بن سعيد البادي رئيس مجلس إدارة فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بمُحافظة الظاهرة، وساعد بن عبدالله الخروصي رئيس الجمعية الزراعية العُمانية، وأيمن بن عبدالله الحسني المدير التنفيذي لمصنع الألبان الحديثة "خمائل"، والمهندس صالح بن محمد الشنفري رئيس لجنة الأمن الغذائي بالغرفة.

وقال ساعد الخروصي إنَّ من أبرز تأثيرات جائحة كورونا على المزارعين ونتيجة عدم القدرة على التصدير وما أدت إليه من تكدس المُنتجات الزراعية في المزارع، وبالتالي اللجوء لطرحها في الأسواق المحلية بسعر التكلفة أو اقل أحياناً، مما كان له تأثير مالي كبير على المُزارعين بنهاية الموسم الزراعي، علاوة على التأثيرات المُتعلقة بنشاطهم في الموسم الزراعي الجديد. وأوضح الخروصي أنَّ الاستيراد المُباشر أدى إلى تغطية احتياجات السلطنة خاصة مع نقص الفاكهة، لكن استيراد الخضروات كان منافساً للخضروات المحلية والتي تتميز بصعوبة تخزينها لفترة طويلة. وأكد أنَّه حتى اللحظة لم يحصل المزارع على دعم واضح ومُباشر من أية جهة، رغم محاولات من خلال الجمعية لكي يحصل المزارعون على نفس التسهيلات التي حصل عليها العاملون في قطاعات أخرى؛ ومنها مثلاً رسوم تجديد البطاقات الزراعية.

وكشف الخروصي أنَّ الدراسات تظهر أن المزارع يحصل فقط على نسبة 35% من قيمة السلعة التي يدفعها المستهلك، فيما تذهب 65% من قيمة المنتج الزراعي إلى الوسطاء بين المزارع والمستهلك النهائي، وهو ما يحتاج إلى اهتمام لأنَّ حماية المستهلك للمنتجات الزراعية تبدأ من حماية المُزارع، وعدم إغراقه في دوامة الديون ونقص الدخل ومُنافسة المنتجات الزراعية المستوردة التي تغرق الأسواق، وتفاقم خسائر المزارعين حتى يتخلى عن مهنته ومن ثم يتضرر القطاع. وقال إنَّ ثمَّة حاجة للتفكير في وقف استيراد المحاصيل التي يمكن زراعتها في السلطنة ودعم المزارعين للتحول من استيراداها إلى تغطية السوق المحلي ثمَّ التوجه إلى تصديرها، مشيرًا إلى أنَّ هذه الفكرة جرى بالفعل دراستها والتنسيق مع وزارة الثروة الزراعية والحيوانية والسمكية وموارد المياه لمُراجعتها، والتوجه نحو تطبيقها على أرض الواقع، بحيث تكون لهذه المنتجات حماية خاصة من الإغراق، مشيداً بضخ جهاز الاستثمار العُماني رؤوس أموال لإنشاء شركة التسويق الزراعي، والتي تمثل إحدى الخطوات المُهمة لدعم القطاع الزراعي.

وقال أيمن الحسني إنَّ تصنيع المواد الغذائية أمر بالغ الأهمية، لكنه يحتاج إلى استثمارات كبيرة وإلى تكاملية القطاعات والعمل، فضلاً عن تقديم العديد من الحوافز لتشجيع دخول المُستثمرين في هذا المجال، ليتمكن من الوقوف أمام المنافسة مع المنتجات الغذائية المستوردة. وأشار إلى عدد من الشباب الطموح الذي يملك أفكاراً مبتكرة ويمكنها أن تثري القطاع، لكنها بحاجة للتمويل. ولفت الحسني إلى أهمية مُراجعة بعض الرسوم التي يمكن إلغاؤها، مؤكداً أهمية إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية ونشرها في مختلف المناطق لتكون وسيلة من وسائل التكاملية في القطاع.

وأشار سيف البادي إلى الجهود التي قامت بها الغرفة لدعم المزارعين وأصحاب الأعمال في مختلف الأنشطة المتعلقة بالأمن الغذائي، مؤكدًا أهمية تقديم بعض الحوافز؛ منها منح قروض للشركات التي تعثرت بسبب الجائحة، وتمديد مُهلة جدولة القروض لفترة أطول ربما تمتد لمنتصف العام المُقبل على الأقل، وتمديد جميع الحوافز والإعفاءات والرسوم وحماية المنتج الوطني الزراعي والغذائي لما سيكون له من مردود في فرص العمل ورفد الاقتصاد الوطني، والاستثمار بشكل أكبر في البنية الأساسية الزراعة والاهتمام أكثر بالاستثمار في التخزين والتصنيع الزراعي والغذائي.

وقدَّم المهندس صالح بن محمد الشنفري عرضًا مرئياً أكد من خلاله أنَّ الأسواق المحلية كانت من بين الأسواق القليلة في المنطقة التي لم تعانِ أي شح في المنتجات الزراعية والغذائية مع بداية الجائحة أو خلالها، مرجعاً ذلك إلى الجهود المُنسقة بين كافة الجهات. وأشار إلى الدور البارز للمزارعين العمانيين في هذا الصدد. وقال إن الجائحة شكلت فرصة جيدة للمنتجات الغذائية العمانية للوصول إلى المستهلك وإثبات جدارتها، فضلاً عن أنَّ الجائحة لفتت النظر إلى أهمية الاستثمار الغذائي كفرصة حقيقية للاستثمار، مشيراً إلى أنَّ العمل جارٍ على قدم وساق للوصول بالفعل إلى انطلاقة كبيرة في مختلف القطاعات.

وأكد الشنفري أنَّ المرحلة الراهنة مفصلية ومهمة للغاية لتقديم محفزات اقتصادية تجذب ليس فقط المستثمرين من الخارج، لكن أيضاً العُمانيين أنفسهم، مشيراً إلى أنَّ التحفيز لا يقصد به الدعم المالي، بل الإجراءات الميسرة، والتي من بينها تغيير النظرة إلى بعض القطاعات على أنها قطاعات استثمارية خطرة، مثل قطاع الأغذية، بينما استطاع هذا القطاع تحقيق نجاحات في الآونة الأخيرة. وعلق الشنفري آمالاً عريضة على دور البنك المركزي العماني خلال الفترة الحالية للتركيز على تقديم حزم ائتمانية جديدة تُوظف السيولة المُتاحة وتوجيهها نحو عمليات الإنتاج والتوسع الصناعي والخدمي وغيرها.

تعليق عبر الفيس بوك