حكومة "2040".. بحر من التحديات والطموحات

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

أن تصحو فتجد نفسك وقد أصبحت وزيراً فذلك ليس بالأمر الهيّن، لعله أمر لم يكن في حسبانك، ولعله كان أحد أحلامك القديمة وقد تحقق، البعض يرى إدارة الوزارة تكليف ومسؤولية عظيمة، وآخرون يرون أنَّها فرصة لتحقيق (جزء من الذات) وربما لتحقيق مكاسب نفعية مُعينة، وبين هذين الفريقين والعقليتين تُدار المُؤسسات الحكومية، وتنفذ القرارات، ويكون الخاسر دائماً أو الرابح هو الوطن، فإذا أُديرت موارده ومُقدراته بشكل رشيد وحكيم نجا ونجا مواطنوه، وإذا أديرت بشكل فردي ونفعي ضيّق ضاع وضاع مُواطنوه.

وقبل أيام صدرت المراسيم السلطانية السامية والتي انتظرها المواطنون منذ فترة طويلة، رحل من رحل من الوزراء، بعد أن أدّوا أماناتهم، وقاموا بمسؤولياتهم، وأداروا رحى مرحلة حسّاسة من مراحل الوطن، وبقي من بقي منهم على رأس الوزارة، وستظل أعناق النَّاس ناظرة ومنتظرة الأداء و(ما بعد الأداء) الحكومي حديث التشكيل، فالحكومة الجديدة تكوّنت من وجوه مُعظمها شابّة، وأكاديمية، ولديها طموحات كبيرة، ويُعلّق الشعب آمالا عريضة عليها، وما نيلها للثقة السامية إلا دليلُ رهانٍ كبيرٍ عليها للوصول بعُمان إلى ساحل 2040 بسلام وأمان، فالوزراء الجُدد كفاءات مشتعلة حماساً، ومتقدة أفكاراً، ولعله كانت لدى بعضهم رؤية مُعينة وهم خارج المشهد الوزاري، ولكنهم حين سيُمارسون المعترك العملي والتطبيقي فقد يعدّلون من مساراتهم، وخُططهم وأفكارهم، فالتنظير والأحكام من خارج المؤسسة الحكومية يختلف عن النظرة القريبة حيث تصبح الرؤية أوضح وأكثر واقعية، ولعلَّ التحديات التي ستُواجهها الحكومة الجديدة لن تكون سهلة، ولكنه لن يكون من المستحيل التغلّب عليها، فأينما يكون البشر تكون الصعوبات، وسيُواجه الوزراء الجُدد في بعض المؤسسات أصواتا رافضة للتغيير، وغير مُتقبّلة للمُتغيرات، غير أنَّ الحسم سيكون في نهاية المطاف للصوت الأكثر قدرة على المُواجهة، والأكثر إيماناً بالمُستقبل، والأكثر ثباتاً على المبدأ وإحداث التغيير للأفضل.

إنَّ حكومة 2040 تمتلك رؤية واضحة، ومساراً محددًا، وأهدافاً قابلة للتحقيق، فهي حكومة متكاملة النسق والغاية، تشتغل في إطار عملي، وضمن منظور علمي ولا عذر لها في الإخفاق ـ لا قدّر الله ـ، وقد تكون الظروف الاقتصادية الراهنة هو التحدي الأكبر لها، كما أن تحقيق المساواة الاجتماعية في المُعاملات والعدالة الوظيفية، واتخاذ القرارات المناسبة للصالح العام، وتبسيط الإجراءات، وإلغاء التشريعات التي لا تخدم الاستثمار، أو تلك التي لم تعد صالحة للمُتغيرات الحالية، إلى جانب مُواكبة التطورات التكنولوجية والتعليمية والتنموية كل تلك الأمور وغيرها ستكون تحدياً آخر ستُواجهه الحكومة، والتي ستتغلّب عليه من خلال التكامل والتعاون المؤسسي، والأفكار المبتكرة، وسرعة اتخاذ القرار، والاستجابة لأي طارئ.

إن هَمّ المواطن الأول هو أن تكون هذه الحكومة قادرة على تحقيق آماله بحياة كريمة، من خلال: القضاء على طوابير الباحثين عن عمل، وتوفير فرص وظيفية، وتنوّع مصادر الاقتصاد، وإيجاد مساحات أكبر للتعليم الأكاديمي ما بعد العام، والاهتمام بالجوانب السياحية والبلدية، وتبسيط الإجراءات المعقدة، وتقليل الفاقد من الوقت والجهد في المُعاملات الإدارية، وبسط يد الحوكمة على جوانب التعاملات، وما يتبع ذلك وما يسبقه من بنية أساسية، كحل مُشكلة الشبكة والتي يتعطل بسببها مصالح مُعظم المتعاملين، إلى جانب الاهتمام بالاستغلال الأمثل للمناطق الصناعية والحرة، وإعطاء الأولوية لأبناء الوطن في الفرص الاستثمارية والوظيفية في القطاع الخاص، وهي أمور تحتاج إلى العمل بكامل الطاقة والوقت والجهد لأي مسؤول.

لقد قام الوزراء والوكلاء السابقون بدورهم في مسيرة العمل الحكومي، نجح من نجح، وأخفق من أخفق، ولكنهم عملوا حسب قدراتهم، ورؤاهم، وبمقتضى الفترة الزمنية التي جاءوا فيها، ولم يقصّر أكثرهم في أداء مهمته، ولكن التغيير هو سنة كونية أزليّة، فلهم كل الشكر والتقدير والاحترام، ولن تكون مُهمة الوزراء الشباب الجدد سهلة ومفروشة بالورود، ولكنهم سيكونون قادرين على أداء المهمة الوطنية في هذه المرحلة المفصلية من عُمر الوطن، لأنهم رهان المُستقبل، أعانهم الله على أداء الأمانة وتحمّل المسؤولية، فالوطن أمانة في أعناقهم، وهم أهلٌ لذلك.