ضريبة الدخل أولا

 

فايزة سويلم الكلبانية

Faizaalkalbani7@gmail.com

(1)

الضرائب قد تكون أحد الحلول التي تعمل على تفعيلها الحكومات لمُواجهة تحديات الانخفاض في الميزانيات وإشراك الأفراد والشركات فيها، ولكن لابد وأن تكون هناك ديناميكية في التَّعامل مع فرض هذه الضرائب وفقاً لمُتغيرات سوق العمل، وذلك لكون الأفراد والشركات التي ستُفرض عليها هذه الضرائب هي الأخرى معرضة لتأثيرات السوق المتغيرة في الارتفاع والانخفاض بين الطلب والعرض، ففي أوقات الانكماش يجب ألا ترتفع الضرائب، وفي أوقات الانتعاش الاقتصادي لابد وأن ترتفع الضرائب كإحدى أدوات التأثير الاقتصادي (المُراعاة المتبادلة مطلوبة)، وإلا سينعكس ذلك سلباً على الاقتصاد والسوق من ناحية انكماش وتقليص الاقتصاد وتراجعه بشكل حاد، إلى جانب هروب المستثمرين وخاصة في ظل ارتفاع الفوائد على القروض من جهة أخرى.. اليوم نجد أن ضريبة الدخل تأتي أولاً باشتراطات مُحددة .. وضرورة تأجيل ضريبة القيمة المضافة فالظرف والزمان ليسا مناسبين لفرضها وستشكل عبئاً كبيراً علينا جميعاً أكثر من فائدتها.

(2)

جميعنا اليوم يعي أهمية مُساهمة الضرائب في الإيرادات، ونرى أن تطبق (ضريبة الدخل على الشركات أو الأفراد) ممن يمارسون التجارة والأنشطة والخدمات المُختلفة وأصحاب الشركات الكبيرة، بشرط أن يزيد دخلهم الشهري عن مقدار معين يتم تحديده من أرباحهم في السنة، ومن هنا تعمل الحكومة على استقطاع ما هو حق لها من هذه الأرباح نظيرا للخدمات التي تتيحها لهم طوال العام، هي الحل الأول المتاح اليوم والمُمكن تقبله ولكن باشتراطات مُعينة، لكون أنه سيكون لها مردود أكبر على الاقتصاد، وهي ليست كما فهمها أغلبية الناس أنها ستفرض على جميع الناس ممن يتقاضون راتباً شهرياً، ولكن لابد وأن تطبق بشكل منطقي بحيث تحدد على سبيل المثال بالنسبة للأفراد والموظفين ممن تبلغ رواتبهم 2000 ريال عُماني فأعلى، قد تبدأ بنسب تدريجية ولنقول نسبة 1%، ومن يتقاضى راتب 3000 ريال عُماني بنسبة 2-3% ، وغيرهم ممن يكون دخلهم عالياً وليس من هم أقل من ذلك، وتتفاوت وفقاً لارتفاع الرواتب على الوافدين قبل العُمانيين.

(3)

والشيء بالشيء يُذكر.. لابد أن تُطبق الضريبة على الوافدين قبل العُمانيين لاسيما وأنهم يستلمون رواتبهم كاملة دون أي استقطاع للتأمينات أو صناديق التقاعد كما هو الحال مع العُماني، ومصير هذه المبالغ تحويلها لبلدانهم دون أي عائد منها نظير ما يحصل عليه من خدمات من السلطنة أيضاً، فنجد الكثير من الوافدين ولاسيما من العاملين في القطاعات والشركات الحيوية رواتبهم عالية جدًا، وفي نفس الوقت نجد جميعها تحول لبلدانهم دون أن يكون لهم أي مساهمات في شكل رسوم أو ضرائب سواء على التحويلات أو حتى على ما يستخدمونه من خدمات في أوطاننا (يمسك الراتب من صوب، ويحوله لبلده من صوب آخر دون أن يدفع أي ضريبة مجزية)، وفي المُقابل تفرض رسوم على المواطن على أغلب الخدمات بطرق مباشرة وغير مباشرة، لذا لابد من إعادة النظر في هذا الأمر حتى ولو كان العائد بسيطا جدا من الضرائب على تحويلات الوافدين فلن يكون أقل تأثيراً على الاقتصاد من الريال المفروض على رواتب العُمانيين للمساهمة في صندوق الأمان الوظيفي، إيماننا بأنَّ (ريال فوق ريال يعمل دخل شهري).

(4)

أما بالنسبة لــ(ضريبة القيمة المضافة)، فنتفق جميعنا على أنَّه لابد أن يتم إعادة النظر في تأجيل تطبيقها، كما تمَّ تأجيلها في عدد من الدول الخليجية، فالظروف ليست مُناسبة أمامنا اليوم لا شركات ولا أفراد في ظل استمرار أزمة تكدس الباحثين عن العمل، نعترف بأنه من الضروري أن يساهم الجميع في إنعاش الدخل المحلي الإجمالي لاقتصاد البلاد، ولكننا نحن كأفراد ومُؤسسات أمام تحديات اقتصادية أيضاً لها تأثيرات سلبية على معدلات دخلنا الشهري في ظل مواجهة الغلاء في المعيشة، فالضريبة ليست حلاً لأنها ستزيد مُعدلات الفقر والبطالة وحاجة النَّاس لمتطلبات الحياة الكريمة، وسيزداد عدد الباحثين عن عمل لعجز الشركات عن التوظيف، وأعداد الخريجين في ازدياد سنوياً، فالتأجيل حتى تحسن الأوضاع هو مطلبنا.