السيدة الجليلة

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

ليس ببعيد عن تاريخ عُمان الضارب في أصالة القدم والأحداث المشرّفة التي لم تكن يوماً جميعها سهلة أو أنها كانت تسير كما يتمنى الجميع، فلقد تناغمت الأيام بين بيارق الحروب ومُقارعة السيوف وبين جميل اللحن الذي يُغذي الفكر أو يلهمه المعنوية التي تناسب الحدث.

عندما تقلب صفحات التاريخ الناصعة بالعزة لنساء عُمان، فإنَّ أول ما تقف عنده إجلالاً وتقديراً وفخراً، يتمثل في الصفحة الخاصة بالسيدة موزة بنت الإمام أحمد بن سعيد طيب الله ثراه وثراها.

فلقد كانت واجهة تلك المرحلة فكراً وعملاً وعلينا جميعاً أن ندعو لها بالرحمة والمغفرة فلقد كان لدورها البطولي الكبير في تاريخ عمان أثراً بالغاً في استقرارها وأن ذلك الأثر باقٍ إلى يومنا هذا وأن عطاءها وأفعالها المُشرّفة كانت سبباً للاستقرار والتوازن الإستراتيجي لثقل عُمان بين الأمم، فكيف لمرأة واحدة أن تقف بين أضداد الحكم والمُؤمرات والحصار والجوع والعطش وتنهي المعركة وتكون نتائجها كما أرادت تماماً بالنصر وكذلك بتعيين من رأت أنَّه الأصلح للأمة وقد تحقق كل ذلك بأفعالها البطولية طيب الله ثراها.

وفي التاريخ العُماني الحديث وليس ببعيد كانت بيننا السيدة الجليلة ميزون بنت أحمد المعشني والدة جلالة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وثراهم أجمعين، فلقد كانت رحمها الله شخصية عُمانية بارزة لم تكتفِ بحياة القصور والحياة المُترفة، فلقد كانت أكرم نساء عصرها، سخية تكرم وتجود بما يقارب ما تملك مجلسها عامر مُشرع لكل من له حاجة أو تعرض لأمر ما حيث تدخلت في جوانب عديدة لا حصر لها في أحداث عُمان وكان لها دور بارز وشجاع في استقرار عُمان ونهضتها الحديثة، وإذا كان السلطان قابوس- رحمه الله- خالداً في قلوبنا، فلقد كان الفخر الأكبر لأمٍ أنجبت واحداً من أعظم سلاطين الدنيا في التاريخ فلهم منِّا الدعاء للخالق عزَّ وجلَّ بالرحمة والمغفرة والجنَّة بإذن الله.

اليوم وفي هذا العصر الذي أصبح دور المرأة أكثر إلحاحاً وحضوراً من أي وقت مضى؛ ها هو الاسم الأبرز للسيدة الجليلة حرم جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- أيده الله- يظهر إلينا ليس فقط في أعمال خيرية ودعم ومشاركة، بل إنَّ الأمر هو ذلك الحضور المجتمعي القريب من الأحداث الذي قد تكون أمهاتنا وبناتنا هم بحاجة فعلية له، ولقد كان لسبقها المقدر في إسعاد تلك الطفلة الصغيرة من فلذات قلوبنا إلهاماً رائعاً، علماً بأنني لم ولن استطيع في هذه العجالة أن أكتب عن كل نساء عُمان في التاريخ القديم والحديث؛ حيث إنهن وفي كل مناشط العمل لهن الحضور والقدوة والتاريخ المشرّف في كل المجالات..

وبذلك نقول: شكراً للسيدة الجليلة على حضوركم الرائع في الأسرة العُمانية، متمنين لكم السعادة والخير والصحة والعافية، وأن يحفظ الله لنا قائد مسيرتنا المظفّرة مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المفدى- أيده الله.