الرؤية- نجلاء عبدالعال
ساعات مشحونة بالعواطف والمشاعر الصادقة، شهدتها وزارة المالية، صباح اليوم، مع توديع درويش بن إسماعيل البلوشي الوزير المسؤول عن الشؤون المالية (سابقا) لموظفي الوزارة، تزامنا مع استقبال معالي سلطان بن سالم الحبسي أول من يشغل منصب "وزير المالية" بعد التشكيل الوزاري الجديد الصادر أمس بالمرسوم السلطاني رقم 111/ 2020.
ففي "مكتب الوزير" اجتمع الوزيران- الجديد والسابق- ومعهما سعادة عبدالله بن سالم الحارثي الذي تولى منصبه وكيلا لوزارة المالية نهاية الشهر الماضي، وفي صورة للتاريخ ربما لن تتكرر في مكتب وزاري آخر.
وبعد العديد من المناصب التي شغلها درويش بن إسماعيل البلوشي، يتقاعد مهندس موازنات السلطنة على مدى 9 سنوات ونيف، وهي الفترة التي شهدت فيها وزارة المالية سنوات من العطاء والجهد في مختلف ميادين العمل المرتبطة بها، وشهدت تلك السنوات تذبذب أسعار النفط؛ إذ وصل لمستويات مرتفعة غير مسبوقة عندما سجل قرابة 140 دولارا للبرميل، والتي لاحقا أُتبعت بعدها بسنوات عجاف هبطت فيها أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة أيضا، وبين هذا وذاك مرت السنون، لينتقل أكثر المناصب حساسية في الوقت الراهن إلى معالي سلطان بن سالم الحبسي، في وقت يشهد تراجعا كبيرا في الإيرادات العامة للدولة بسبب الضربة المزدوجة الناجمة عن تراجع أسعار النفط من جهة، و"الإغلاق العالمي الكبير" الذي فرضته جائحة كورونا، وما قد يستتبعه الوضع من إجراءات مالية قد تكون صعبة، لكنها ضرورية للحفاظ على مستويات الدين العام عند حدود آمنة.
وربما لن يكون أمام معالي سلطان الحبسي الكثير من الوقت للقيام بمهام بروتوكولية عادة ما تتزامن مع تولي المناصب، مثل التعرف على موظفي الوزراة وزيارة مبانيها الملاصقة لقصر العلم العامر في ولاية مسقط؛ إذ إن التوقيت دقيق ومن المرتقب أن يقدم معاليه موازنة العام المالي الجديد 2021 لمجلس الوزراء الموقر خلال الأيام المقبلة، ومن ثم مناقشة مجلس الشورى حول الموازنة، وربما اجتماع مشترك لمجلس عمان لعرض الموازنة العامة.
ويزيد من ثقل الحمل على عاتق الوزير الجديد، ما يحتاجه من تهيئة الأدوات اللازمة لتطبيق قانون القيمة المضافة حال صدوره، وذلك بعد أن مر بالقنوات التشريعية وخرج بالفعل من مجلس الدولة بعد أن أقره مجلس الشورى.
الحبسي تنتظره مهمة وطنية كبيرة، في إطار مضي مؤسسات الدولة نحو تطبيق الرؤية المستقبلية "عمان 2040" من جهة، وضغوط آنية تزيد من عبئها كلفة الدين العام، لكن ما يبعث على الطمأنينة أن الرؤية الشاملة التي تجلت في المراسيم السلطانية الأخيرة، عززت من التجهيزات اللازمة التقدم بقوة نحو مستقبل أكثر ازدهارا واستقرار لعُمان.