إرث الكبار كبير

غصن بن هلال العبري

رنَّ الهاتف قبل المغرب بقليل، المتحدث أبو مازن الأخ أحمد بن هلال العبري، والموضوع زيارة مشروع المليون نخلة؛ حيث تلقيت دعوة من الأخ الدكتور سيف بن راشد بن سيف الشقصي مدير عام مشروع المليون نخلة لزيارة مزارع ولاية عبري، "فهل تحب أن تصحبنا مع الأخ الدكتور علي بن هلال"، هكذا قال، قلت: "في غاية السرور".

وعند الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي كنَّا نحن الثلاثة في طريقنا إلى مزارع مشروع المليون نخلة في ولاية عبري. كان الأخ الدكتور مدير عام المشروع وفريقه من المهندسين في استقبالنا على نحو يعكس مكانة الإنسان والمكان.

لم نستغرق الكثير من الوقت فقد تناولنا القهوة ثم انطلقنا في مزرعة ذات الأحد عشر ألف نخلة مررنا على غرف التحكم في الريّْ عن بعد أن استمعنا إلى شرح من المهندس المختص، كيف أنه يتم ريّْ المزرعة إلكترونيا وكيف أنَّ المجسات ترسل ذبذباتها الاستشعارية المنبئة عن حاجة الماء أوالاكتفاء منه، وكيف يمكنها إرسال حاجة النخلة من العناصر الغذائية، وحتى حين تسقط الأمطار تتوقف المضخات عن الدفع.

توقفنا أمام الخزان الضخم للمياه الذي يتسع لآلاف الأمتار المكعبة من المياه المعالجة ثلاثياً الذي يتم تزويده بالمياه من محطة الصرف الصحي بمدينة عبري.

تجولنا بين النخيل التي أخذت تنضج ثمارها والحصاد يتوالى ورأينا ناقلة العبور وهي تحمل التمور المجففة إلى الشركة المصنعة بكل عبوة خمسة عشر كيلو جراماً، ثم عرجنا على المشتل الذي يضم ما يقارب عشرة آلاف نخلة في انتظار نقلها إلى مواقعها المخصصة.

استمعنا من الأخ العزيز الدكتور سيف بن راشد بن سيف الشقصي مدير عام المشروع إلى الخطوات التي مرَّ بها إنشاء المزرعة، وكيف أنها تدار بكفاءات عمانية خالصة، وكيف أن العمل في المزرعة يجري وفق أسلوب علمي، منطلق من قاعدة بيانات لكل نخلة مصدرها وتاريخ جلبها وتاريخ غرسها وكيفية نموها ومتى بدأت تثمر وووو... مشيراً إلى أنه لا توجد في العالم حتى الآن مزارع تدار على هذا النحو من التقنية، مبشراً بأنَّ إنبات النخيل سيتم من العام المُقبل بواسطة الرش بالطائرة بعد أن تبين جدوى ذلك. وحينما سألناه عن العمالة التي تحتاجها المزرعة في الأوقات العادية أشار الدكتور سيف إلى أنَّ معدل العمالة في غير زمن الحصاد عامل لكل ألف نخلة بما يعني أن أحد عشر ألف نخلة لا يوجد بها سوى أحد عشر عاملاً. 

وهناك دراسة تعكف على تطوير جهاز آلي للحصاد يمكنه التمييز بين البسرة والرطبة والتمرة الناضجة والذي يؤمل في المستقبل القريب أن يغني عن عدد كبير من العمالة خلال الحصاد.

ولقد أدهشنا ما رأيناه من انتعاش الحياة البرية بين النخيل فقد رأينا الطيور بأنواعها وغيرها من مفردات الطبيعة.

ونحن نستمع إلى شرح المهندسين تتبلل عيوننا من الدمع فرحاً وحزناً، فرحاً بما رأيناه وشاهدناه وأن كل ذلك قد تمَّ تحت التوجيه المباشر للمغفور له جلالة السُّلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، وحزناً على فقده بعد أن أحال عُمان كلها، مدنها وصحاريها إلى روضة غناءْ.

ونكتفي اليوم بوصف مزرعة الأحد عشر ألف نخلة ونعدكم بالحديث عن مزرعة المئة ألف نخلة في المستقبل القريب.

إنَّ المتامل في الإرث الذي تركه جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- يدرك عظمة الرجل الذي نهض بعُمان الحديثة، فما من مشروع قد أسسه إلا ويجعلك تقول "إرث الكبار كبير".

فشكراً للدكتور سيف بن راشد بن سيف الشقصي مدير عام المشروع وفريقه من المهندسين على كرم ضيافتهم وحفاوة استقبالهم وشرحهم الوافي والكافي.

تعليق عبر الفيس بوك