"موجة واحدة كبيرة".. لماذا تستبعد "منظمة الصحة" موجة ثانية من "كورونا"؟

ترجمة- رنا عبدالحكيم

تساءل تقرير لصحيفة ذا جارديان البريطانية عن السبب وراء استبعاد منظمة الصحة العالمية تفشي موجة ثانية من فيروس كورونا المستجد "كوفيد- 19"، حيث حذرت المنظمة من أن الجائحة تتمثل حاليًا في "موجة واحدة كبيرة" دون وجود دليل على أن الفيروس سيكون موسميا مثل الأنفلونزا وغيرها من الفيروسات التاجية، التي تسبب نزلات البرد.

وفي غمرة الجدل حول ما يشكل موجة ثانية أو عودة المرض أو عودة موسمية للمرض، أصرت مارجريت هاريس المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، على أن هذه المناقشات ليست طريقة مفيدة لفهم انتشار المرض. وقالت "لا يزال الكثير من الأشخاص يفكرون في المواسم". ودعت- في إفادة عبر الاتصال المرئي من جنيف- إلى اليقظة في تطبيق الإجراءات التي تكفل بطء انتقال العدوى، التي يبدو أنها تسرعها التجمعات الجماهيرية، وقالت "ما نحتاجه جميعًا لكي نفهم ما يدور حولنا هو أن نعرف أن هذا فيروس جديد وسلوكه مختلف". وحذرت من التفكير في موجات أخرى للفيروس قائلة "ستكون موجة كبيرة. وسوف ترتفع وتنخفض قليلاً. وأفضل تعامل يتمثل في تسطيح المنحنى وتحويله إلى شيء ما يلامس قدمك".

وأثارت قضية الموجة الثانية الجدل، وتحدث عنها سياسيون- بما في ذلك بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني- ووسائل الإعلام، لكن غالبًا ما تكون غير محددة بدقة.

وفي ظل غياب تعريف علمي متفق عليه، استُخدم مصطلح "الموجة الثانية" ليعني أن أي طفرات في العدوى قد تتحول إلى أزمات كاملة في كل دولة، مما دفع بعض الخبراء إلى تجنب المصطلح.

وقالت ليندا بولد أستاذ الصحة العامة في جامعة إدنبره البريطانية إن "الموجة الثانية" ليست مصطلحًا مستخدما في علم الأوبئة في الوقت الراهن؛ حيث إن الفيروس لم يختفِ، بل إنه يعيش بيننا، وانتشر إلى 188 دولة حتى الآن. وأضافت أن وجهة النظر العملية تقول إن طفرات موضعية أو عودة محلية لعدد كبير من الحالات، أمر شائع.

ويجادل توم فريدن المدير السابق للمراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض، بأن هذا المفهوم غير مفيد لـ"الإيحاء بأن كوفيد-19 سيكون بمثابة الإنفلونزا".

ويظهر هذا الوباء، من وجهة نظر عالمية- مثل وجهة نظر منظمة الصحة العالمية- على أنه تفشٍ واحد كبير ومتسارع، مع تضاعف الأعداد العالمية في الأسابيع الستة الماضية. ومن حيث الانتشار الإقليمي وحتى داخل البلدان- كل على حدا- يصبح الأمر أكثر تعقيدًا.

وما قد يبدو وكأنه موجة ثانية هو في بعض الأحيان مناطق مختلفة من نفس البلد تكون ببساطة خارج نطاق التفشي في لحظة ما، كما هو الحال في الولايات المتحدة؛ حيث تحركت موجة أولى قوية، لكنها غير متساوية في البداية، وتوالت في صورة نوبات، ثم أسرعت بعد ذلك.

وقال كيث نيل أستاذ فخري في وبائيات الأمراض المعدية في جامعة نوتنجهام، إن "الموجة الثانية" أصبح مصطلحًا إعلاميًا، عن كونه مصطلحا علميا. وأضاف "ما نشهده هو ارتفاع في العديد من البلدان، وفي ليستر بالمملكة المتحدة وأماكن أخرى، وقد يعتبر بعض الناس ذلك موجات، لكن إذا فعلوا ذلك فنحن نتعامل إذن مع عشرات الموجات".

وتبحث ميليسا هوكينز أستاذة الصحة في الجامعة الأمريكية، أوضاع الفيروس في الولايات المتحدة، وتسلط الضوء على الموجات الثانية في البلدان التي تقدم فيها المرض بشكل غير متساوٍ وغير مناسب. وقالت هوكينز "الولايات المتحدة ككل ليست في موجة ثانية لأن الموجة الأولى لم تتوقف بعد". وكتبت في تعليق ينطبق على الدول الأخرى التي شهدت عودة ظهور الفيروس، أن الفيروس ينتشر ببساطة إلى مجموعات سكانية جديدة أو ينتشر في الأماكن التي تتراجع فيها الإجراءات الاحترازية".

ويشير مركز الطب المبني على البراهين التابع لجامعة أكسفورد، والذي فحص 10 أوبئة لأمراض الجهاز التنفسي منذ عام 1889، إلى أن "معظم تفكيرنا في نظرية الموجة الثانية ناتج عن مقارنتنا الوضع الحالي بالوضع إبان الإنفلونزا التي تفشت بين عامي 1918 و1920 وأصابت 500 مليون شخص حول العالم، وبحسب ما ورد قتلت ما يقدر بنحو 20 مليونا إلى 50 مليونا".

ومن المعروف أن الموجات مرئية ومعظمها إيقاعي، لكن لا يبدو أن ثمة نمط أو إيقاع للأوبئة المعروفة ومجيئها وذهابها إلا بسبب التأثيرات على جسم الإنسان وتأثيرها على المجتمع.

وهذا المرض لا يحترم الحدود البرية إلا قليلاً، حتى عندما حاولت السلطات في كل دولة إغلاق الحدود، لم تفلح، وربما تكون الدولة الوحيدة التي يبدو أنها قضت على المرض تمامًا هي نيوزيلندا، وهي دولة جزرية حدت من السفر الداخلي تقريبًا.

ويعتقد نيل أن الأهم من وصف أي ارتفاع في الحالات هو إدارة زيادة الحالات، وحذر من أن تحديد الموجة الثانية الحقيقية قد يحتاج إلى عامل الوقت. وقال "إنه تحديد وجود موجة ثانية في وقتها، هذه هي المشكلة. ففي الإنفلونزا الإسبانية كان الأمر واضحًا تمامًا.. لكن فقط بعد الحدث". وأضاف "منظمة الصحة العالمية تنظر إلى الأرقام العالمية، وهي لا تزال في ازدياد، لذا فنحن في الموجة الأولى".

تعليق عبر الفيس بوك