الكتاب يدعو لإطلاق الحملة الوطنية لمكافحة الفساد وتمكين الحوكمة

28 توصية لحوكمة فاعلة في "هل نحن جاهزون؟".. و4 فصول تبرز تحديات "عُمان 2040"

◄ "ما أشبه الليلة بالبارحة".. سرد للتحديات الاقتصادية قبل ربع قرن والوضع الراهن

◄ الحوكمة تسهم في حل تحدي الباحثين عن عمل وبلوغ الاستدامة المالية وتحقيق "التنويع"

◄ ضرورة إنشاء مكتب وطني للنزاهة ومكافحة الفساد

◄ تطبيق مبادئ الحوكمة في مهام المكتب الخاص لجلالة السلطان

◄ أهمية مراجعة بنود العقد الموحد وآليات التناقص للكثير من الجهات

◄ اقتراح إعداد "الإستراتيجية الوطنية للإعلام" لتأسيس إعلام حر مسؤول ذي طرح متوازن

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

تحت عنوان "رؤية عُمان 2040.. هل نحن جاهزون؟"، أَصْدَر الدُّكتور عمَّار بن حامد الغزالي كتابًا نوعيًّا يُسلِّط الضوء على مجموعة من الأسئلة، ومحاولات الإجابة عنها حول كيفية العمل على سير سلس وإيجابي في طريق تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية "عمان 2040"، من خلال التركيز على شق الحوكمة والاستدامة.

د. عمار الغزالي.jpg
 

وكتاب الغزالي أقرب لكونه دِرَاسة تحليلية تُظهِر التحديات التي واجهت الرؤى والخطط الخمسية للسلطنة خلال السنوات السابقة، وتتضمَّن توقعات للتحديات المستجدة التي من الممكن أن تُواجه رؤية 2040. وعلى مدى 4 فصول، يشرح الغزالي مفاهيم الحوكمة الرشيدة وأهدافها وآليات تطبيقها على أرض الواقع، كما يتطرَّق إلى مبادئ الحوكمة كأحد المعايير الدولية التي تدخل في أهداف التنمية المستدامة وجهود السلطنة في تبني هذه المبادئ. فيما خصص الفصل الرابع من الكتاب لطرح سؤال "هل نحن جاهزون؟" مع تقديم 28 توصية يُمكن من خلالها ضمان أن تكون الإجابة هي: "نعم".  

واختار الكاتب مدخلا مهما للحديث عن الرؤية 2040، وهو ما أطلق عليه "كشف حساب الرؤية 2020"، مُتسائلا عن حجم الإنجاز في الرؤية التي تنتهي خلال العام الجاري، ويقول: "بعيدا عما أُعلِن من تصريحٍ بأن 70 % من أهدافها قد تحققت، ما هي التحديات الحقيقية التي حالت دون تحقيق هذه الرؤية لأهدافها؟ وهو سؤال -ودعونا نكون صريحين مع أنفسنا بشكل كاف- يفرضه الأساس "الصفري" الذي تنطلق من قاعدته رؤية عمان 2040."

 

ما أشبه الليلة بالبارحة

وللبحث عن إجابة يعود الكاتب إلى عام 1995 لينقل مخرجات دراسة أجرتها وزارة الاقتصاد الوطني (سابقا) -وهي الوزارة التي ألغيت عام 2011- حول أبرز التحديات التي تواجه مسيرة التنمية في السلطنة، والتي بناء على نتائجها تمت صياغة "رؤية 2040". وبدون ذكر مباشر ينبه الكاتب من خلال سرد التحديات ومن ثم الأهداف إلى مدى التشابه -إن لم يكن التطابق- بين التحديات قبل 25 عاما واليوم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: تزايد حجم العجز في الموازنة العامة للدولة، وضرورة البحث عن سبل التوازن في المالية العامة، و محدودية دور القطاع الخاص مع اتساع دور الحكومة في الاقتصاد، والاختلالات في سوق العمل، وغيرها من التحديات التي كانت أيضا ضمن التحديات التي خرجت بها مختبرات أعداد الرؤية 2040، ويتكرر ما جاء من تشابه في التحديات مع ما جاء في الأهداف بين الرؤيتين، لينتهي الكاتب إلى القول "ما أشبه الليلة بالبارحة".

غلاف الكتاب.jpg
 

ويذهب المؤلف -في كتابه- إلى تفاصيل النتائج على الأرض مقارنة مع الأهداف الموضوعة للرؤية 2020، مستعينا ببيانات وإحصائيات من العام الجاري 2020 الذي يفترض أن يكون آخر أعوام الرؤية، لافتا إلى أن تفاصيل ميزانية العام الجاري تعتمد على إيرادات نفطية بنسبة 72%، أما عن هدف الحد من الدين العام وتحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات فينقل عن نفس الميزانية توقعها -قبل بداية العام- لعجز بقيمة 2.5 مليار ريال، واقتراحها تمويل العجز بنسبة 80% عن طريق الاقتراض.

 

الأداء المؤسسي

ومن منطلق أن "ما باليد حيلة"، مضى الكاتب نحو الحديث عن مرتكزات ينبغي لها أن تسهم في التأسيس لبنيان مستقبل "عُمان التي نريد"، ويرى أن مفهومي الحوكمة والاستدامة اللذين غابا عن رؤية عمان 2020 ربما يمكن أن يسهما بدور فعال في إنجاح الرؤية 2040، ويقول إن الرؤية الجديدة تبنت محورا خاصا بالحوكمة والأداء المؤسسي كركيزة لتحسين الفاعلية وكفاءة الأداء المؤسسي وسيادة القانون، وأشار إلى ما جاء في الخطاب التأسيسي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في فبراير الماضي حين قال: "ومن أجل توفير الأسباب الداعمة لتحقيق أهدافنا المستقبلية، فإننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين، وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئه وتبني أحدث أساليبه، وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء، والنزاهة والمساءلة والمحاسبة؛ لضمان المواءمة الكاملة، والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها"، وأكد  الغزالي أن هذا التعهد السامي يتوافق تماما مع مستوى وحجم الطموح الوطني.

ويوضِّح الكاتب أهمية الحوكمة خلال المرحلة الحالية والمستقبلية، خاصة فيما يتعلق بحماية المال العام ومنع تضارب المصالح والقضاء على البيروقراطية، مشيرا إلى ضرورة التطبيق الفعلي من خلال إيجاد كفاءات وطنية مؤهلة وفصل المهام والأدوار والمسؤوليات، وبقية سبل التفعيل باعتبار الحوكمة الرشيدة هي أفضل سلاح لتحقيق أي رؤية تنموية، بما تشمله من أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية.

وتناول الكاتب الدور الذي تسهم به الحوكمة في حلحلة كثير من التحديات وعلى رأسها الباحثين عن عمل، والوصول إلى الاستدامة المالية، وتحقيق التنويع الاقتصادي، ثم تناول أولويات الحوكمة وأهدافها ومحدداتها، وسبل التطبيق الفاعل لها، من خلال القيادة الواعية والقدرة على إدارة التغيير والجودة التنظيمية.

 

28 توصية

وللوصول إلى الجاهزية لتحقيق الحوكمة والاستدامة التي تحتاجها "رؤية عمان 2040"، وضع الكاتب 28 توصية نحو حوكمة رشيدة لتنمية مستدامة، تضمنت إنشاء مكتب لحوكمة القطاع العام، وإنشاء مكتب وطني للنزاهة ومكافحة الفساد، وتضمين نطاق العمل في تطبيق مبادئ الحوكمة في مهام المكتب الخاص لجلالة السلطان فيما يتعلق بمتابعة سير برامج رؤية عمان 2040، وسن قانون حق الاطلاع على المعلومات.

وشملت التوصيات تحقيق التكامل والانسجام بين المؤسسات العامة، وتطبيق أوسع لحوكمة المالية العامة بعدد من الصور التي أوضحها الكاتب. وأوصى أيضا بضرورة مراجعة بنود العقد الموحد وآليات التناقص للكثير من الجهات، إضافة إلى صياغة إستراتيجية للحوكمة لكل قطاع على حدا، مع تعزيز مستويات الرشاقة المؤسسية للقضاء على المركزية. كما دعا إلى اطلاق "الحملة الوطنية لمكافحة الفساد وتمكين الحوكمة"، وإصدار "الإستراتيجية الوطنية للإعلام" لتمهيد المسار وتحديد المعالم لإعلام حر مسؤول ذي طرح متوازن.

تعليق عبر الفيس بوك