لقاحات وأدوية "كورونا" المرتقبة تفتح باب الأمل للتغلب على "كوفيد 19"

 

ترجمة- رنا عبدالحكيم

خلص تقرير مُوسَّع نشرته مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، إلى أنَّ اللقاحات والأدوية المرتقبة والتي تمَّ الكشف عن عدد منها خلال الأيام القليلة الماضية، تفتح باب الأمل أمام الأطباء والمرضى على حد سواء، للتغلب على مرض كوفيد 19.

ففي أوائل يناير الماضي، بدأ الباحثون في جامعة أكسفورد العمل على لقاح لكوفيد 19، وبعد ستة أشهر، ووفاة أكثر من 600000 شخص، يخوض فريق الباحثين سباقًا مع الزمن لتطوير اللقاح الذي يُمكن أن يرسم خط النهاية للوباء، وأعلنت شركة الأدوية البريطانية السويدية أسترازينكا، تسريع وتيرة العمل لإنتاج اللقاح في جميع أنحاء العالم، ومن المُقرر إنتاج مليارات الجرعات خلال الأشهر المُقبلة.

لكن يبقى سؤالان رئيسيان: هل هو آمن وهل هو فعّال؟ الإجابة بدأت تتضح مع نشر مجلة لانسيت الطبية قبل أيام ورقة بحثية حول تجربة لقاح أكسفورد، والتي بدأت في أبريل وشارك فيها 1000 متطوع.

ووفقًا لأدريان هيل مدير معهد جينر بأكسفورد وأحد مؤلفي الورقة البحثية، فإنَّ اللقاح الجديد حفز استجابة مناعية قوية ويبدو أنه جيد التحمل وآمن، وقد ولد أجساماً مضادة واستجابة للخلايا التائية "بدرجة ممتازة".

والأجسام المضادة والخلايا التائية تمثلان الذراعين الرئيسيين لجهاز المناعة. ويتعرف الأول على مسببات الأمراض ويغلقها ويعطلها. ويتعرف هذا الأخير على خلايا الجسم المصابة ويقتلها، لمنع الفيروسات من التكاثر داخلها.

ويقول دكتور هيل إنَّ مستويات الأجسام المضادة التي شوهدت في التجربة مُماثلة لتلك التي لوحظت في الالتهابات الطبيعية وأن استجابات الخلايا التائية "عالية جدًا". ويقول الفريق البحثي إنَّ هذه المستويات "أفضل بوضوح" من تلك التي كشف عنها لقاح آخر تقوم بتطويره شركة مودرنا للتكنولوجيا الحيوية الأمريكية.

وهذه الاستجابة الجيدة من الخلايا التائية تبعث برسائل طمأنة لأولئك الذين يشعرون بالقلق من أن بعض المرضى الذين تعافوا من كوفيد-19 يظهرون تضاءلا سريعا لمستويات الأجسام المُضادة الطبيعية. وتعني استجابة الأجسام المضادة المتضائلة أن الجهاز المناعي لا يتذكر العدوى، مما قد يضعف آمال نجاح اللقاح. ولا توفر العدوى ببعض الفيروسات، مثل تلك التي تسبب نزلات البرد، مناعة دائمة، وهو أمر شائع.

ومن المحتمل أن تكون الخلايا التائية مهمة بشكل خاص لمحاربة كوفيد- 19؛ إذ يبدو أنَّها قد تولد مناعة طويلة الأمد. وأظهر بحث حديث من كلية الطب Duke-NUS في سنغافورة أن المرضى المصابين بالسارس، خلال تفشيه قبل 17 عامًا، ما زالوا يمتلكون ذاكرة مناعية من الخلايا التائية لإصابتهم بـ SARS-CoV-2 ، الفيروس المسبب لكوفيد-19، فكما يوحي اسمه، فهو قريب لفيروس سارس الأصلي.

وأبلغ الآن عن نتائج إيجابية من تجارب المرحلة المبكرة لأربعة لقاحات، فإضافة إلى مودرنا، قامت شركة فايزر وهي شركة أدوية أمريكية كبيرة، بنشر بيانات بالفعل. وذكرت شركة CanSino biologics وهي شركة صينية، عن نتائج إيجابية مبشرة وذلك في نفس يوم الذي أعلنت فيه أكسفورد نتائجها الإيجابية.

ويعزز هذا التفاؤل الآمال بأن اللقاح الناجح قد يكون متاحًا بحلول نهاية العام. ورغم أن نتائج التجارب مشجعة، لكن من الصعب تأكيد كل ما تعنيه كل البيانات من حيث توفير الحماية ضد كوفيد-19.

والأجسام المضادة والخلايا التائية ضرورية بشكل عام لتوفير المناعة، لكن ثمَّة شك في أن الخلايا التائية قد تكون مهمة بشكل خاص في التخفيف من الاستجابات المناعية المفرطة. ومع ذلك، سيستغرق استكمال تجارب الفعالية لتحديد ما إذا كان أي من هذه اللقاحات يوفر مستويات مفيدة من الحماية.

ولقاح أكسفورد هو الأكثر تقدمًا في مثل هذه التجارب، وانتهى القائمون عليه من اختيار 10 آلاف مريض في بريطانيا لإجراء التجارب، ويتزايد الاختيار بسرعة لإجراء تجارب في البرازيل. وبدأت التجارب في جنوب إفريقيا كذلك، وستبدأ أخرى في أمريكا خلال الأسابيع المقبلة. وإذا سارت الأمرو على ما يرام، فقد يكون من الواضح للباحثين بحلول نهاية أغسطس ما إذا كان اللقاح فعال أم لا. وعندما تتوفر نتائج التجارب الأولى- على افتراض أنها إيجابية- سيتعين على الجهات التنظيمية تقرير ما إذا كانت هناك بيانات كافية للسماح بنوع ما من المُوافقة الطارئة على إنتاجه قبل إجراء المزيد من التجارب. ويمكن أن يحدث ذلك في وقت مُبكر من شهر أكتوبر المُقبل.

والإجابة عن أي لقاح سيكون أكثر فاعلية، صعبة في هذه المرحلة. لكن في نهاية المطاف، يجب إجراء مقارنات بين اللقاحات، ولكي يتم ذلك، يتعين قياس الاستجابات المناعية من كل لقاح في نفس المختبر.

وجاءت الأخبار من أكسفورد في نفس اليوم الذي تمَّ فيه الإعلان عن علاج دوائي محتمل لكوفيد-19. وقالت شركة Synairgen وهي شركة بريطانية صغيرة للتكنولوجيا الحيوية، إنها ستُقدم قريبًا نتائج تفيد بأنَّ دواءً يستخدم كمستنشق من مادة تسمى interferon beta سيكون فعالًا. وعندما تم حقن هذا الدواء للمرضى في تجربة شملت 100 مريض، قلل بشكل كبير من عدد الأشخاص الذين ذهبوا بعد ذلك إلى العناية المركزة. وتمَّ تقليل احتمالات الحاجة إلى أجهزة التنفس الصناعي بنسبة 79% وكان المرضى أكثر قابلية للشفاء مرتين إلى ثلاث مرات.

وعلى الرغم من أنَّ شركة Synairgen لم تنشر بعد معلومات حول كيفية إجراء تجربتها أو نوع المرضى الذين تم اختبارهم، كما لم تتم مُراجعة النتائج من قبل الخبراء، لكن إذا تم تأكيد الادعاءات المقدمة، فإنَّ هذا العمل سيكون بمثابة تقدم مهم في القدرة على علاج كوفيد-19.

تعليق عبر الفيس بوك