د.خالد بن علي الخوالدي
تحل علينا أيام يوليو حزينة هذا العام بعد فقد الأب المُؤسس والقائد الحكيم مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد –طيب الله ثراه- والذي أسس دولة عصرية أساسها العنصر البشري المُستنير والمُحافظ على مُقدسات هذا الوطن الغالي إلى جانب تعزيز ذلك بدولة المؤسسات والقانون التي تحفظ حقوق الجميع وتعلي من مكانة الوطن، والمُلاحظ أن أيام شهر يوليو هذا العام لم تكن كسابقتها حيث تمر ثقيلة علينا بعد الفقد الكبير إضافة إلى وجود الضيف الثقيل كورونا (كوفيد 19) الذي زاد حزن الفقد حزناً آخر.
وشهر يوليو بالنسبة لعُمان والعمانيين لن ينسى من الذاكرة حيث كان يوم 23 من يوليو يوماً تاريخياً أشرقت فيه شمس يوم جديد على عُمان بعد ظلام دامس وعتمة طويلة، وقد انتقلت السلطنة في هذا اليوم من الفرقة والتشتت والشقاق والانقسام إلى الوحدة والألفة والوفاق والاتفاق والتعاون والبناء والتطور ليكون هذا اليوم علامة فارقة في تاريخ هذا الوطن بعد سنوات من العُزلة والتراجع والتقهقر.
ولقد بذل المغفور له جلالة السلطان قابوس بن سعيد جهوداً جبارة منذ 23 يوليو 1970 وقدم صورة صادقة للقائد الذي يحب وطنه ويخلص ويتفانى في عودة عمان إلى وضعها الطبيعي كدولة مؤثرة في المحيط الخليجي والعربي والعالمي، وانطلق من فكر مستنير ناظرا بأمل إلى المستقبل، فمنذ خطابه الأول وهو يستشرف هذا المستقبل حيث قال (أيها الشعب.. سأعمل بأسرع ما يُمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سُعَدَاءِ لمستقبل أفضل وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب) وهذا ما كان بالفعل بفضل الله ثمَّ صدق سريرته وإرادته الصادقة والمخلصة والمحبة حيث ننعم اليوم بالسعادة على ما تحقق في هذا الوطن من منجزات عظيمة خلال خمسين عاماً فقط.
وعندما أقول فقط فإنَّ ما فعله السلطان قابوس وما قدمه من تضحيات وما نتج عن ذلك من تطور كبير في مختلف نواحي الحياة بعد أن استلم البلاد في 23 يوليو من عام 1970 لهو معجزة في ميزان البلدان التي تتطور في سنوات بسيطة ولم يكن بها أي بنية تحتية أبداً حيث استلم البلد بلا مدارس ولا طرق ولا مستشفيات ولا مؤسسات حكومية ولا مطارات ولا موانئ ولا أي بنية تحتية يُمكن الانطلاق منها والبناء عليها، واليوم وبعد أقل من خمسين عاماً توجد هذه الإنجازات العظيمة التي ما كانت لتكون لولا نظرته التفاؤلية وبعد نظره الإيجابي وحنكته وحضوره القوي والأمل المرسوم بواقعية لتحقيق السُّمو والعلو والرفعة لهذا الوطن العزيز.
واليوم تحل علينا ذكرى 23 يوليو حزينة بعد فقدان الرجل المؤسس، وهذا الحزن سوف يستمر فالفقد عظيم والخطب جلل ولكن حباً له ولما أنجزه سوف نستمر في العطاء والوفاء لعُمان تحت ظل من استخلفه لنا ووثق به ومنحه وسام الرفعة مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد –حفظه الله ورعاه- وسنقف معه وسنعمل على مساعدته للانطلاق بعُمان تحت ظل قيادته للرقي والتطور والعلو والرفعة والسمو، ومولانا السلطان هيثم يثبت لنا يومًا بعد يوم أنَّه ماضٍ على نهج المغفور له وسياسته الحكيمة ورغبته الصادقة في جعل عُمان واحة أمن وأمان وراحة واستقرار وسلام، ودمتم ودامت عمان بخير.