أنيسة الهوتية
حسب مُعطيات القنوات الإخبارية العالمية، فإنَّ دولة الكويت الشقيقة عانت منذ الفترة الماضية من قضايا غسيل الأموال والتي اشتغل بها مشاهير "السوشيال ميديا" بالكويت، وبعد لقاء قناة "إم.بي.سي" مع المحامي فهد الحداد، أشار الأخير إلى أنَّه قد تبين أنَّ أغلب قضايا غسيل الأموال بالتعاون مع أفراد يخدمون حزب الله وجماعة "الإخوان"، وأن التحريات السرية الكويتية وجهاز أمن الدولة يعملان بجد لكشف ملابسات جرائم غسيل الأموال والتي تصنف ضمن جرائم أمن الدولة.
وحفظ الله الكويت الشقيقة والحبيبة من كل سوء وفساد، وكل دول المسلمين والصالحين. لكنني، مع هذا الخبر تذكَّرت القدرة المالية الهائلة التي امتلكتها "داعش" ولربما كانت تكافئ ميزانية دولة، وتدفع منها رواتب لجنودها والذين امتلكتهم بغسل أدمغتهم كما امتلكت تلك الأموال أيضاً بغسلها، والتي توسعت بها في آسيا، إفريقيا، أوروبا وأيضاً أمريكا.
ولمن لا يعلم المقصود بغسل الأموال؛ فهو إضفاء شرعية قانونية على أموال محرمة لامتلاكها والتصرف بها، وإضفاء واجهة علنية قانونية لها بفتح تجارة معينة، أو نشاط معين وكأنه هو منبع تلك الأموال!
وتلك الجريمة الاقتصادية ليست بجديدة، بل كانت موجودة سابقا، إلا أنَّ الوسائل والأساليب كثرت الآن عن سابقتها، ومن الأمثلة القديمة قصة حصلت في مطرح حول رجل معسور، لم يزوجه من بناته أحد لعسر حاله، فسافر إلى الهند بحرًا، وبعد أعوام رجع إلى موطنه ومعه زوجة هندية وخادم وخادمة والكثير من المال، ومرت الأيام وزاد عنده المال والعيال، وكل ذلك من فتح محل لبيع الأقمشة، وعرض عليه لاحقاً رجال الحارة بأن يتزوج من بناتهن ويعدِّد فهو صاحب خير والشرع حلل له أربعًا، إلا أنَّه رفض قائلاً بأنه مكتفٍ بزوجته ولا يريد إغضابها، وبعد سنين طوال تمَّ الاكتشاف بأن الرجل يبيع الخمر المصنوع منزليًّا بيدي زوجته والخدم من الفواكه الفاسدة.
وحسب أفكاري الخاصة، أعتقد أنَّ الكيانات المتهمة بالإرهاب، والمافيات ليست الوحيدة في ساحة غسيل الأموال، بل لابد أنَّ هناك أسماء لامعة في المجتمعات المختلفة اجتماعيًّا وسياسيًّا تتداخل في هذه الساحة بين الفينة والأخرى، إلا أنها تعرف كيف تتستر في ممراتها المظلمة.
و"السوالف تجيب سوالف"، ومن أبسط أنواع الأضرار التي يأتي بها غسيل الأموال: غلاء العقارات في مناطق معينة، يتركز عليها بعض الأفراد، أو الجماعات، مثلما حكى لي أحد الأخوة الأعزاء من الأردن حول ارتفاع العقارات في بعض مناطق العاصمة الأردنية وضواحيها بعد حرب العراق؛ وذلك بسبب نزوح مجموعة كبيرة من الأخوة العراقيين إلى الأردن، وشراء العقارات السكنية والتجارية بأسعار كبيرة للاستقرار وفتح مشاريع للمعيشة؛ مما أدى لارتفاع قيمة العقارات بالصعود الصاروخي في مناطق معينة حتى المواطن الأردني بنفسه أصبح غير قادر على الشراء والامتلاك في هذه الأماكن، مع ذلك تلك ظاهرة فردية لا تمثل الجماعات والمافيات.
ولكن على الحكومات وضع الرقابة حتى على الأنشطة الفردية، ومشاهير "السوشيال ميديا" الذين تتضخم حساباتهم البنكية، وعقاراتهم، وممتلكاتهم، ولربما ممتلكات أقاربهم! فالمبالغ التي تؤخذ على الإعلانات في تلك الوسائل ليست إلا مبالغ بسيطة، فمن غير الممكن أن توفر كل تلك الثروات!
والوضع غير المعقول يجلب "إن" في الموضوع، وأيضاً المنتجات المعلن عنها عبر تلك الوسائل، يجب أن تمر بقنوات حماية المستهلك ووزارة التجارة لضمان أمنها على المستهلك، ناهيك عمَّن يُروِّجن عن أنفسهن ليس بالتجارة المستترة، بل بالدعارة المستترة من خلال تلك المساحات الإلكترونية الصغيرة حجماً، والكبيرة والمتوسعة افتراضياً، والعالم الافتراضي أصبح أخطر من العالم الواقعي في زمننا هذا.