ما بين 40 دولارا و80!

المكرم أحمد بن عبدالله الحسني *

 

يا لها من رحلة ومغامرة مليئة بالتحدي والإثارة، وفي كل مرة تصادفنا فيها نفس المتاعب والمطبات! ولكن بفضل الله وهمة المخلصين نتخطاها ونصل إلى وجهتنا بأمان غير مُكتمل، تخالطه همهمات من بعض القلق، هي رحلة أسعار النفط السحرية بارتفاعاتها المبهجة وانحداراتها المخيفة!

وجميعنا يتساءل متى سننتهي من رصف ذلك الجزء الوعر والخطير المتبقِّي من طريق ومسار هذه الرحلة الواقع ما بين دوار الأربعين دولارا إلى الدوار الكبير ذي الثمانين دولارا وما بعده؟ فهو الجزء الأصعب والعنيد الذي دائماً يُجبرنا على إبطاء حركة سيرنا، والتأكُّد من إعادة ربط الأحزمة بإحكام والتخلص من أية حمولات زائدة لنضمن نزولاً آمناً دون اهتزازات خطرة، وبعده نعاود مواصلة السير.

أيُّها الإخوة الكرام، المسؤولون الاقتصاديون، أرهفوا السمع إلى الصِّناعيين أصحاب المصانع وإلى التجاريين والمزارعين والصيادين، أنصتوا إلى السياحيين والمستثمرين والمقاولين والعقاريين، إلى الماليين والتقنيين والابتكاريين، استمعوا لشبان وشابات الوطن وللصحفيين والإعلاميين والكتاب والمفكرين.. أروهم لقاءاتكم المباشرة معهم، أحيطوا بملاحظاتهم في شأن كل قطاع، وتفاعلوا مع مقترحاتهم وأفكارهم، وتفهموا مطالبهم واحتياجاتهم، سهِّلوا الأعمال وبسِّطوا الإجراءات، واعتبروا تعقيدها في جهاتكم مخالفة أو جريمة يعاقب عليها القانون؛ كونها آفة وسمعة سيئة تضرُّ الاقتصاد وتفسده، وطاردة للأموال، فتفوِّت على البلد فرصاً ومصالح تهرب إلى غيركم قريباً أو بعيداً ولا تعود، فإنْ فعلتم ذلك فقد قطعتم نصف الطريق نحو الحل فيبقى النصف الآخر أسهل وأقرب إلى نقطة الوصول.

اجعلوا من اللقاءات الدورية معهم ضمن الخطة السنوية لأعمال وبرامج وزاراتكم مرة ومرتين وثلاثا في السنه، وخصصوا في هياكل جهاتكم الأقسام والدوائر التي تدعم وتتابع هذه اللقاءات؛ فالمعرفة الميدانية من خلال أصحاب الميدان أنفسهم أثمن وأجدى نفعاً وأسرع نتيجةً على هذه القطاعات من خطط ومهام المكاتب، لا ترسموا خرائط الحلول وحدكم، ولا تتصوروا تحديات الطريق ومتطلبات الرحلة وفق ما لديكم من مُعطيات، أشركوا أصحاب الشأن في كل قطاع معكم فهم أدرى بشعابها وأولى بنجاحها.

لنطوِّر النهج وعقيدة العمل الاقتصادي ليكون التواجد الحكومي بين هذه القطاعات وفي وسطها، فهي ركائز الاقتصاد والتنويع والقواعد الراسخة للتنمية في عموم أرجاء الوطن: "قواعد كُنّ أركان البلاد.. فما عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ"، وإن عززنا هذا النهج وهذا الاتجاه؛ فبعون الله ستكون مخاطر الرحلة الشاقة ما بين الأربعين والثمانين دولارا بأقل ما يُمكن، ولن نتأذى منها أبداً إن شاء الله، بيده الخير وهو على كل شيء قدير.

* عضو مجلس الدولة

تعليق عبر الفيس بوك