المتاحف من التحديات إلى الأولويات

 

 

ردينة بنت عامر الحجرية *

تحدثنا في مقالات سابقة عن دور المتاحف في زمن "كورنا"، وعن ضرورة تفعيل المؤسسات المدنية بشكل عام، ومنها المتاحف التي هي مجال اختصاصنا، تلك الضرورة التي تحتمها الطفرة الرقمية التي وصل إليها العالم المعاصر، وتطرَّقنا بنظرة خاطفة وشاملة عن أعداد المتاحف العمانية الحكومية والخاصة منها وأعداد الزوار خلال السنوات الأخيرة المنصرمة، مُحلِّلين قدر الإمكان ما يمكن تحليله واستقراؤه من تلكم البيانات المتوفرة للوصول إلى ما سبق وطالبنا به، وهو ذاته ما أمر به سلطاننا الراحل -رحمه الله- وهو أيضًا ما تولى زمام إتمامه سلطاننا المفدى هيثم بن طارق من تطبيق حكومة إلكترونية متقدمة.

في هذا المقال، سأستعرض سبع وسائل عملية وبسيطة يمكن للمتاحف وموظفيها أن يقوموا بها لتفعيل دور المتاحف خلال الجائحة وبعدها:

أولا: يجب أن تكون هناك منصة إعلامية إلكترونية خاصة لجميع المتاحف في السلطنة، أو تكون هناك منصة إعلامية لكل متحف يتم من خلالها التواصل مع الجمهور للمناقشة والعرض والرد على الاستفسارات؛ من خلال هذه المنصات يمكن عمل إحصاءات وتحليلات للبيانات الواردة من هذه المنصات، مثلا عدد الزوار وأعمارهم وأسئلتهم الشائعة واحتياجاتهم واقتراحاتهم. وأيضاً قياس مدى رضاهم عن هذه المنصات بأستخدام استبيان رقمي يمكن للموظفين تحليله بكل سهولة.

ثانيا: إجراء مسابقات مفتوحة للجمهور والمهتمين، والهدف من هذه المسابقات هو خلق جو من التفاعل مع المختصين والزوار والباحثين، والاستفادة من إمكانياتهم ومعارفهم، وربما الكشف عمَّا لديهم من آثار ولُقى ووثائق ونوادر ثمينة.

ثالثا: توفير حافلة متنقلة تجوب المناطق والقرى والمحافظات وتشارك في الفعاليات الثقافية والاجتماعية والتاريخية، يكون فيها شاشة مرئية أو جهاز عرض، يعرض من خلاله مقتنيات المتحف ويكون شعاره (نصل إليكم حتى تبقوا في أمان).

رابعا: تفعيل دور حاملي بطاقة أصدقاء متاحف عمان؛ حيث تكون لحاملي هذه البطاقة ميزات لدخول المتاحف والمعارض وتمثيلها أمام الجمهور، ويمكن عرض مقابلات مرئية لهم في المتاحف يتحدثون من خلالها عن تجاربهم.

خامسا: تقديم عروض مرئية ثلاثية الأبعاد، وتثبيتها في منصات المتاحف الرسمية حيث يمكن للمشاهد التجول في المتحف واستعراض آثاره ومقتنياته ودخول قاعاته من خلال هاتفه أو حاسبه الآلي، وبجودة عالية تعطيه شعورا حقيقيا وكأنه في المتحف.

سادسا: يمكن للمرشدين السياحيين في المتاحف تفعيل حساباتهم الاجتماعية للتعريف بالمتاحف التي يعملون بها وعمل نقل مباشر (live) لتجولهم في المتحف لتعريف المتابعين بمقتنيات وآثار المتحف والإجابة على استفساراتهم مباشرة.

سابعا: خلال هذه الجائحة يُمكن لإدارات المتاحف أن تقوم بأعمال جرد وجمع القطع الأثرية وتوثيقها إلكترونيا، ووضع وصف دقيق لها يتضمن (الطول والعرض والوزن ومادة وسنة الصنع مع صورة توثيقية لها ومكان الحصول عليها).

كما على الإدارات أن تحرص على تدريب موظفيها، وحثهم على أخذ دورات تدريبية (online) لاستغلال وقتهم خلال الجائحة لتطوير معارفهم وخبراتهم في علم المتاحف (Museology)، وهي فترة جيدة وكافية يجب أن تستغل أيضا لأعمال الصيانة والإضافة والتغيير والتجديد في مباني وأركان المتاحف؛ حيث لم يكن ذلك ميسورا في الفترة السابقة بسبب عدم توقف الزوار.

* مديرة متحف المدرسة السعيدية للتعليم

تعليق عبر الفيس بوك