بين مُفترق طرق

سالم كشوب

sbkashooop@gmail.com

أتاحت التقنيات المختلفة مزيدًا من السهولة والسلاسة في إنجاز الكثير من الأشياء والمعاملات خلال مدة وجيزة، وأصبح التوجُّه نحو استخدام التقنية في مختلف مناحي الحياة لتوفير مزيد من الوقت والجهد على مقدم الخدمة وطالبها، إضافة إلى العمل على توفير البنية الأساسية اللازمة للتحول الإلكتروني في الكثير من القطاعات ومجالات الحياة المختلفة.

ولا شك أن انتهاج العديد من الجهات نظام فتح الخدمات المتعلقة بها عن طريق تطبيقات إلكترونية كان له الأثر الجيد في التسهيل على الكثير من المراجعين في إنجاز معاملاتهم من أي مكان وبأي وقت وبشكل يعكس الحرص على تنوع الخيارات لدى طالب الخدمة، وعدم حصره في زاوية ضيقة مما يشكل عبئًا وازدحامًا قد ينتج عنه المزيد من الوقت المهدر في إنجاز تلك المعاملات، وما يُثلج الصدر أننا شاهدنا بعض المبادرات الوطنية في إتاحة العديد من الخدمات المهمة للمجتمع عن طريق بعض التطبيقات مما كان له الأثر الإيجابي كتطبيق برنامج بيمة للتأمين، ومنصة ثروة، ومنصة إبحار... وغيرها من التطبيقات التي نتمنى لها الاستمرارية، وإضافة العديد من الخدمات لمثل هذه التطبيقات، وعدم حصرها لفترة زمنية معينة أو نتيجة ظرف معين، وكذلك العمل على انتهاج مختلف الجهات مثل هذه المبادرات التي بلا شك تُعطي خيارات متعددة وبشكل سلسل وآمن؛ مما يعزز ثقافة الاستخدام الإلكتروني للكثير من الخدمات في المجتمع، ويُسهم في الحد من الازدحام لدى العديد من الجهات.

النقطة الأخرى الأهم، والتي نتنمى أن يتمَّ تطبيقها في القريب العاجل، ولتقليل المستندات والأوراق المطلوبة لإنجاز العديد من المعاملات في جهات خدمية مختلفة، هي: ربط مختلف الجهات ببيانات البطاقة الشخصية؛ بحيث تكون بطاقة الأحوال المدنية هي المستند الوحيد؛ مما يُوفر الكثير من الوقت والجهد لاستكمال بعض المعاملات التي يتكبَّد المراجعون الكثير من المشقة لاستكمال الأوراق والمستندات المطلوبة، ويسهل على العاملين في منافذ الخدمة إنجاز مختلف المعاملات بكفاءة وبوقت أقل.

تظلُّ فاعليَّة التحول الإلكتروني من وجهة نظرنا المتواضعة، تتوقَّف على ثلاث نقاط مهمة وهي مرتبطة ومتكاملة مع بعضها البعض من ناحية توفر البنية الأساسية القوية لهذا التحول الالكتروني، وتحديد مدة زمنية معينة لاستكمال هذة المنظومة المهمة النقطة الثانية مواكبة أسعار الخدمة وكفاءتها وتحفيز الناس على استخدام التقنية؛ فمن الصعوبة الحث على استخدام هذه التقنيات والتطبيقات والخدمة غير مفعَّلة في مختلف أرجاء الوطن وبأسعار غير منافسة ومحفزة للجميع من قبل الشركات المعنية بالاتصالات. النقطة الأخيرة التأهيل والتدريب وتوفير الحماية الآمنة لهذه التطبيقات والتحول الإلكتروني والاهتمام بالكادر البشري المشرف على هذه الخطط والبرامج والتطبيقات؛ سواء من ناحية تشجيع المبادرات والابتكارات الوطنية في هذا المجال وإعطائها مزيدًا من الفرص والتسهيلات والخدمات، أو التاهيل والتوظيف للكادر المؤهل القادر على قيادة دفة القيادة، والعمل في هذا القطاع الحيوي والمهم، والذي سيكون له دور مهم في المرحلة المقبلة؛ لا سيما وأنَّ التقنية أصبحت هي المجال الجديد الذي تتنافس عليه مختلف الدول لكسب المزيد من الاستثمارات أو رفع المساهمة المالية في القطاعات غير النفطية، والتي يعول عليها الكثير في الفترة المقبلة.

ختاما.. جائحة "كورونا" أظهرت الفرص الكثيرة لمجال التقنية والاستخدام الإلكتروني الذي غيَّر الكثير من المفاهيم والسياسات والخطط؛ وبالتالي نتمنى الاستفادة من هذه الفرص على أرض الواقع، وهذا لن يتأتى إلا بتقييم الواقع الحالي بكل شفافية واتخاذ حزمة من القرارات والخطط المتكاملة المرتبطة بخطة زمنية محددة وقابلة للقياس والتقييم، وليس ترك المجال بدون تحديد سقف زمني معين.

-----------------------

"الامر ليس أنَّ بعض الناس يملكون الإرادة وغيرهم لا يملكونها، بل إن البعض مستعد للتغيير وغيرهم لا".

(جيمس جوردن)