حادثة مقتل المواطن العماني

نمير بن سالم آل سعيد

تناقلت وسائل التَّواصل الاجتماعي قبل أيام قليلة قضية مقتل المواطن العُماني سيف بن راشد الشحي على الحدود مع دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقد كان الرأي العام العُماني غير مصدق للحادث، فكيف يعقل أن تقع هذه الحادثة من دولة شقيقة تربطها علاقات وطيدة مع السلطنة، بقتل مواطن عُماني وسفك دمه لمجرد أنَّه عبر الحدود خطأً أو قاصدًا في ظل ظروف الحظر التي يشهدها البلدان نظرًا لاستمرار تفشي جائحة كوفيد- 19، ولولا التدابير الاحترازية لذلك لعبر هذا المواطن العُماني الحدود بسهولة ويسر عند إبراز بطاقة هويته العُمانية.

شاب في الثلاثين من عمره خرج مساء ذلك اليوم في شأنه ولم يعد إلى داره وأهله لتنفطر قلوب عائلته على مقتله المباغت. فسيف الشحي الذي كان نابضاً بالحياة أصبح في دقائق مفارقاً الحياة، طريحًا على الأرض في أعداد الموتى، قاضية تلك الرصاصات على حياته ومستقبله.

وكما يبدو للمتابعين عن بعد أنه كان يُمكن تفادي الحادثة بإلقاء القبض على هذا المُخالف والسيطرة عليه من حرس الحدود دون ضرورة لقتله.

ولا يجب للرأي العام العُماني أن يذهب الى الحكم بأنَّ دولة الإمارات العربية المتحدة أمرت بقتل المواطن العماني ونفذته بقواتها الحدودية المرابطة هناك، فالإمارات وعمان في حالة مودة تاريخية دائمة يسري جريانها في نبض الشرايين، وإذا كان هناك ثمَّة اختلافات في الرأي في بعض الملفات بين البلدين، فالاختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية.

ولا أحد من الطرفين العماني والإماراتي له مصلحة في توتر العلاقات وتصعيدها بين البلدين.

والبلدان الشقيقان المتجاوران يُدركان ما يُشكله التعايش السلمي من أهمية بينهما، وما دونه من اختلافات بسيطة طارئة يمكن التغلب عليها وتجاوزها بالحوار، إن وجدت ومتى وجدت.

أما ما تعرَّض له المواطن العُماني من إطلاق نار في المنطقة الحدودية فسفارتنا في أبوظبي أكدت مقتله وأعربت عن أسفها لذلك. ولا أحد يعرف ملابسات الحادثة وتفاصيلها الحقيقية ولا يزال التحقيق جاريًا.

وليس من المُستبعد على الأرجح أن تكون حادثة إطلاق النار تصرفاً فردياً كردة فعل سريعة خاطئة، والأخطاء تحدث مع أخذ الاحتياطات اللازمة في عدم تكرارها.

كما لا يجب الاستعجال في إصدار الأحكام دون أدلة أو براهين وإثارة المخاوف والشكوك في النوايا، بينما تكون حادثة إطلاق النار الحدودية على المواطن العماني ليست إلا حادثة ارتجالية معزولة، مع الحرص الدائم والجاهزية الدفاعية للعمل معاً في هذا النطاق على كل ما يحفظ أمن ومصالح البلدين من التعدي عليها من أي طرف كان.

فعلاقة السلطنة ودولة الإمارات العربية المُتحدة علاقة متأصلة وقوية سجلها التاريخ بأحرف من ذهب، أسس دعائمها الوطيدة المغفور لهما الحكيمان أدام الله مجدهما؛ صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وصاحب السُّمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- رحمه الله.