علماء: أدوية مضادات الفيروسات تفتح باب الأمل.. والعالم في وضع "أفضل بكثير" بنهاية العام

6 أشهر من "معركة كورونا".. أسوأ كابوس يتحقق على أرض الواقع

◄ خبير أوبئة بريطاني: أكملنا 6 أشهر من "علاقة أبدية" مع "كورونا"

◄ اللقاح أمل وليس إستراتيجية.. وتطعيم 7.8 مليار شخص "مهمة صعبة للغاية"

ترجمة - رنا عبدالحكيم

تطرَّق تقريرٌ لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية إلى مرور 6 أشهر على بدء تفشي فيروس كورونا (كوفيد 19)، وتحوله إلى جائحة عالمية، تسبَّبت في خسائر اقتصادية فادحة غير مسبوقة، وقبل كل شيء خسائر في الأرواح؛ إذ حصد الفيروس أرواح نحو 400 ألف شخص، وأصاب ما يزيد على 6 ملايين إنسان، وتساءلت الصحيفة عن توقيت هزيمة هذا الفيروس في معركته ضد الإنسان.

ومع وصول الأزمة لشهرها السادس، تتجلَّى مجموعة من المخاوف والأسئلة حول قدرة البشرية على العيش في ظل هذا الوباء. وطرحت الصحيفة البريطانية العريقة -في تقريرها- أسئلة عدة حول ما الذي تعلمناه بالضبط خلال الأشهر الستة الماضية؟ وما مدى سرعتنا واستجابتنا للتحديات التي يفرضها الفيروس؟ والأهم من ذلك: ما هي الأسئلة التي نحن بحاجة ماسة للإجابة عنها خلال الأشهر الستة المقبلة؟ واستعانت الصحيفة بعدد من الخبراء والباحثين والأطباء للإجابة عن هذه التساؤلات.

الحصيلة العالمية.jpg
 

هل كُنا مستعدين؟

تؤكد ردود عدد من العلماء أنه من الواضح الآن أننا كنا مستعدين على نحو سيئ للغاية لوصول "كوفيد 19"، قال مارتن هيبرد أستاذ الأمراض المعدية الناشئة في مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي: "تبين أن هذا المرض أسوأ بكثير من أي أوبئة كنا نتوقعها ونضع خططًا لمواجهتها". وأضاف: "تمكن من تحقيق معدل وفيات بلغ 1% وهو قابل للانتشار بمعدل سريع وكبير، وهي صفات اعتبرت غير مرجحة إلى حد كبير لأي مرض ناشئ جديد، اعتقدنا أننا قد نواجهه. وتمثل هذه الصفات أسوأ سيناريو واقعي محتمل يمكن أن نتخيله؛ لذا فإن الوباء الذي نعيشه الآن هو بالسوء الذي كنا نعتقد أنه يمكن أن يحدث. إنه احتمال واقعي للغاية".

ويشدِّد على هذه النقطة أيضًا ديفيد نابارو أستاذ الصحة العالمية في إمبريال كوليدج لندن؛ فيقول: "عندما واجهنا هذا المرض لأول مرة، اعتقدنا أنه كان مجرد مرض تنفسي يؤثر على الجزء العلوي من الصدر، لكن الآن من الواضح أنه يمكن أن يسبب أمراض الجيوب الأنفية، ويمكن أن يؤثر على بطانة الأوعية الدموية، ويمكن أن يؤدي إلى جلطات الدم، وقد تم ربط المرض أيضًا بالإرهاق الشديد وتلف الكلى والنوبات القلبية، وكثيرًا ما يكون لدى الشباب نسبيًّا، هذا ليس مرضاً يجب الاستهانة به".

وقال مارك وولهاوس أستاذ علم الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة أدنبرة، إنه من غير المحتمل أن يختفي الفيروس في المستقبل القريب، مضيفا: "بعد أن عشت مع "كوفيد 19" لمدة ستة أشهر حتى الآن، فإن أهم شيء تعلمناه هو أنه سيتعين علينا العيش معه لفترة أطول. نحن أكملنا 6 أشهر من علاقة مدى الحياة".

وتظل المشكلة التي نواجهها خلال الأشهر المقبلة تتمثل في إيجاد طرق لإبقاء المرض بعيدًا، دون اللجوء إلى فرض قيود الإغلاق والضرر الاقتصادي والنفسي المرتبط بذلك.

مرض الشيخوخة

وتبدأ المشاكل المتعلقة بتأثير المرض على البالغين عندما يبلغ الشخص 50 عامًا ويصبح أكبر بشكل كبير لكل سنة إضافية من العمر. وأضاف وولهاوس: "هذا يعني أن نسبة كبيرة من سكاننا -أولئك الذين تزيد أعمارهم على 75 عامًا- يحتاجون للحماية من هذا الفيروس لأن عواقبه عليهم خطيرة للغاية". وأضاف: "ولكن هل من الصحيح حبس الأحفاد لإنقاذ أجدادهم؟ بمعنى أن هذا ما نقوم به حتى الآن".

وتتمثَّل إحدى الأفكار في وضع أنظمة أمن حيوي صارمة للغاية حول دور الرعاية لضمان عدم دخول الفيروس التاجي إليها أبدًا؛ حيث سيتم اختبار الموظفين من عمال النظافة إلى مقدمي الرعاية باستمرار لوجود الفيروس. وقال وولهاوس: "لن يُسمح لأحد بالدخول دون اختبار في نفس اليوم. فالأمر بسيط على هذا النحو". لكن كما اعترف وولهاوس، فإن الغالبية العظمى ممن هم فوق 75 عامًا لا يعيشون في دور رعاية، قائلا: "إنهم يعيشون في منازلهم. وهذا يعني أننا سوف نضطر إلى ابتكار مفهوم الأمن الحيوي لهؤلاء الناس. هذه واحدة من أكثر المهام العاجلة التي نواجهها الآن".

اختبر ثم اختبر ثم اختبر!

وأصبح التوسُّع في إجراء الاختبارات ممكناً؛ لأن تكنولوجيا اختبار الفيروسات تحسنت من حيث الدقة والنطاق خلال الشهرين الماضيين. وقالت آن جونسون أستاذ علم الأوبئة في جامعة كوليدج لندن: إنَّ الاختبار يوفر مزايا وفرصًا أخرى للحصول على إجابات حول "كوفيد 19". وأضافت: "حتى الآن كنا نعتمد بشدة على النماذج الرياضية لمحاولة فهم كيفية تصرف الفيروس وانتشاره عبر المجتمعات. ومع ذلك، فإن النماذج الرياضية جيدة فقط مثل البيانات التي تدعمها".

ومع تطور اختبارات الفيروسات والأجسام المضادة الجديدة، يجب أن يكون هناك فهم أكبر بكثير، قائم على البيانات لظهور وانتشار حالات "كوفيد 19" في بريطانيا. ومضت تقول: "تفاصيل بسيطة عن الزمان والمكان والأشخاص، إننا نحتاج إلى هذه المعلومات من أجل فهم هذا الوباء على حقيقته". وبينت جونسون أن مشكلة كبيرة في محاولة تتبع "كوفيد 19" والسيطرة عليه نشأت لأن العدوى تنتشر في كثير من الأحيان بدون أعراض، وفي البداية، لم ندرك أنه يمكن للناس نقل المرض دون قصد، وكان هذا درسا مهما تعلمناه خلال الأشهر القليلة الماضية". وقالت جونسون إن جمع البيانات الوبائية التفصيلية يجب أن يكون الآن الأولوية.

دور المناعة

وثمَّة قضية حاسمة تتعلق بنوع المناعة التي حصل عليها المصابون بالفيروس، وفي هذا السياق، قال هيبرد: "تشير الدراسات إلى أن الأجسام المضادة تثار في دم المرضى بعد إصابتها، ويمكن أن توفر هذه الحماية مضادات لعدوى "كوفيد 19" المستقبلية". وأضاف: "تشير التقديرات المعقولة إلى أن الحماية قد تستمر لفترات تتراوح بين ستة أشهر وسنتين. ومع ذلك، نحتاج إلى معرفة المدة التي ستستمر فيها هذه الحماية بالضبط؛ لأنه سيكون لها تأثير مهم على كيفية تقدم المرض بين السكان".

وكلما طالت مدة توافر الأجسام المضادة للحماية، كان المرض أبطأ في الانتشار. ونتيجة لذلك، يطلب العلماء من هؤلاء الأفراد الذين كانوا من بين أول المصابين أن يتم أخذ عينات دمهم واختبار مستويات الأجسام المضادة الخاصة بهم.

مساحة للتفاؤل

وعلى المدى الطويل، قد يظهر اللقاح كمنقذ للبشرية، ومع ذلك، يعتقد معظم العلماء أن هذا احتمال بعيد نسبيًّا، وهو احتمال لن يصل إلينا لمدة عام أو عامين على أفضل تقدير. وكما قال وولهاوس: "إن اللقاح هو أمل وليس إستراتيجية".

وشدد نابارو على هذه النقطة أيضًا قائلا: "يجب أن نخرج من سراب الشعور بأن كل شيء سيتم حله عندما يظهر لقاح في نهاية هذا العام لإنقاذنا، هذا لن يحدث، وحتى عندما نحصل على لقاح آمن ويعمل، لا تزال هناك مشكلة حول كيفية وصولنا إلى 7.8 مليار شخص يعيشون على كوكبنا، إن استئصال المرض عالميًّا هو عمل صعب للغاية، لقد تمكنا من شلل الأطفال في نهاية المطاف بعد عقود، لكننا ما زلنا نحاول التخلص من الحصبة".

الاقتصادات المتضررة.jpg
 

ومع ذلك، لا يزال هناك مجال للتفاؤل، كما يقول العلماء، حيث يقول هيبرد: "نعم، اللقاح بعيد بعض الشيء ولكن العلاجات المضادة للفيروسات تبدو أكثر تفاؤلاً". وأضاف: "التجارب جارية الآن لعدد من الأدوية المضادة للفيروسات التي تم تطويرها للتعامل مع أمراض أخرى، لكن يتم الآن إعادة توظيفها على أمل أن يتم استخدامها لمعالجة كوفيد 19. النتائج متوقعة في غضون بضعة أشهر". وواصل حديثه قائلا: إذا "نجح، فقد يساعد بعض هؤلاء على خفض معدلات الوفيات من 1% إلى 0.1%، وبالاقتران مع الاختبارات المحسنة والفهم الأفضل لأنظمة المناعة لدينا والاستجابات على مستوى الأجسام المضادة لـ"كوفيد 19"، أعتقد أننا سنجد أنفسنا في وضع مختلف تمامًا وأفضل بكثير خلال 6 أشهر... أنا متفائل".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة