إحالة مشرفة للتقاعد.. أم "إنهاء خدمة" غير قانونية؟!

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

ما إنْ صَدَرت الأَوامر السَّامية بإحالة مُوظَّفي الدولة الذين أكملوا ثلاثين سنة على التقاعد، حتى سَارَعت بَعض الوزارات إلى إصدار قراراتها بالتنفيذ من اليوم التالي للأوامر، وكأنَّهم كانوا ينتظرون اللحظة المُنَاسِبة للانقضاض على الموظفين، أو ربما لتصفية حسابات قديمة معهم، دُون أي انتظار، أو إمهال، أو رسالة تنويه لهم، حتى يتسنَّى لهؤلاء الموظفين الذين أفنُوا زهرة شبابهم في الخدمة وكانوا سببًا من أسباب البناء للوطن من ترتيب بعض أمورهم، وكأنَّ بعض المسؤولين أرادوا إظهار مدى حِرصهم على مصلحة الدولة، أو ليُثبتوا أنهم ملكيون أكثر من الملك، كما يقال.

وتفاجَأ كثيرٌ من الموظفين في بَعض الوزارات بقرارات "إحالتهم للتقاعد"، بينما كانوا يُؤدُّون عملهم كالمعتاد في مكاتبهم، دون مُراعاة لأيِّ اعتبارات إنسانية أو نفسية، والغريب أنَّ قرارات الإحالة للتقاعد لم تستند إلى الأوامر السامية المنقولة عبر ديوان البلاط، بل جاءت كضَرْبَة معنوية مُؤلمة للموظفين، من خلال عبارة (إنهاء خدمة)، وهو ما يتوجَّب وجود سببٍ أخلَّ بواجبات الوظيفة استدعَى ذلك الإنهاء أو الفصل من الخدمة، حسب قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني  رقم (120/2004) الفصل الرابع عشر المادة 140 وما يليها، كما أنَّ هذه الجهات الحكومية لم تنتظر تفاصيل الأوامر السامية التي سيتمُّ من خلالها التنفيذ، فخلطت الحابل بالنابل، واستغلَّ بعضُها عدم ذكر الأوامر لموعد بدء سريان التنفيذ، وربطه بنهاية التنفيذ (31/12/2020م)؛ مما أتاح لبعض الوحدات الحكومية المناورة لبدء التنفيذ الفوري، فأصدرت قراراتها، وكأنها كانت تنتظر -بفارغ الصبر- توقيع الوزير عليها فقط! كما تمَّ تطبيق الأوامر في تلك الجهات بنسبة 100% من الموظفين الذين تسري عليهم الشروط دون مراعاة لمتطلبات العمل، أو ظروف الموظف؛ مما زاد التذمُّر في قطاعات المتقاعدين من هذا الإجراء غير العابئ بإنسانية الأوامر.. وأعتقد أنَّ كثيرا من هذه القرارات سيتم إلغاؤها -بحكم القانون- بسبب عدم إكمال أصحابها للثلاثين عاما، حين صدور الأوامر السامية.

وفي الجانب الآخر، تريَّثتْ وزارات أخرى، وأمهلت موظفيها إلى نهاية العام، وقسَّمت بشكل قانوني (فئات الموظفين) الذين تنطبق عليهم الشروط، واكتفت بنسبة الـ70% وأبقت على الـ30% لتوازن بين المصلحة العامة ومصلحة المواطن، وهو ما أتاح للموظف فُرصة زمنية كافية لتقليل الآثار النفسية قبل إحالته للتقاعد المشرِّف.

وبَيْن هذين الإجراءين المتناقضين، يَكمُن الفارق بين: رجل الدولة، ورجل السُّلطة.

وتلقيتُ تَوضيحًا من بعض الأخوة على بعض النقاط التي أثارها مقالي الأحد الماضي تحت عنوان "بين فوبيا التقاعد وإنسانية الدولة"؛ حيث أوضح أحد الأخوة من موظفي (صندوق التقاعد) أنَّ:

("منحة" نهاية الخدمة والتي لا تزيد على 12 ألف ريال، تُصرف من جهة العمل بالتنسيق مع وزارة المالية في مُوازنتها؛ حيث تُصرف بموجب قانون الخدمة المدنية المادة (151)؛ وليس من صندوق التقاعد، كما تطرَّق المقال، أما مكافأة نهاية الخدمة التي تُصرَف من صندوق تقاعد موظفي الخدمة، فهي راتبان خاضعان للاشتراك عن كل سنة من سنوات الخدمة، لكنها تُصرَف فقط للموظف الذي لا يستحق معاشًا تقاعديًّا عند نهاية خدمته، أو للموظف الذي تمدُّ خدمته بعد بلوغ سن التقاعد، كما أنَّ الصندوق لا يدفع أي مستحقات للوافدين؛ لأنَّ قانون المعاشات للعُمانيين فقط؛ ومستحقات الوافد تُصرَف من الجهة التي يعمل بها حسب العقد المبرم بينهما).

هذا ما لزم توضيحه، مع التقدير والشكر لصندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية، على تفاعله، وتوضيحه.