الصغير.. حاكم زمانه في مشهدِ حرمانه!!

المعتصم البوسعيدي

يجري جبريسيلاسي في ماراثونٍ لا يجدُ بين جنباتهِ صوتُ بشر، وعلى مضمارِ الألفِ وخمسمائة متر هشام الكروج يقطعُ خط النهاية فائزاً بدون وردة الفوزِ العظيم، ولا يفردُ بولت ذراعيه بكبرياء السرعة والتفوق عن بقيةِ المنافسين؛ فلا جمهور يمدُ الأيادي والعلم، ولا عناق مُحبين بُعيد الإنجاز الكبير.

لكماتُ كلاي لا يراها عن قُربٍ إلا ثلةً من النَّاس، وقضمةُ الأُذن لتايسون لا تثيرُ الدهشة، وفيلبس يغطسُ دون أن يراهُ أحد، وبوبكا لا تستهويه قفزات أرقامه القياسية، وتغطُ في النومِ ولا تصحو على الضجيجِ زانة إيزينبايفا وسلة جوردان صامتة رغم السلام دانك وطيرانُ جيبا على الشبكةِ يمرُ على صمتٍ لا مثيل له، ويد الظهير إيفانو باليتش لا تنعم بالتمجيد.

كرةٌ صفراء بهتَ لونها رغم عزف المايسترو فيدرر، وحفرة أغلقت فوهتها عن ضربةٍ نادرةٍ لتايغر وودز وطاولةٌ جافت كرتها المُرسلة من فالدنر، وهُناكَ شوماخر بسيارتهِ الفراري يمر بهدوءٍ على حلبةٍ لا هدير لها، ولا صرخةٌ لنعيم سليمان وهو يحملُ جبل الأثقال، فيما ثقُلت ريشة إسكواش برادة وخفتَ بريق بطل الأخلاق والروح الرياضية محمد رشوان في صراعِ الجودو.

ثرواتٌ رياضيةٌ تقلصت، ومملكة فيفا ترنحت، والملك بيليه جوهرة خفتَ لمعانها، ومافيا ماردونا تركت الاقتتال، وظاهرة الكُرة العالمية لم تعد تراوغ الأحلام، فيما يُحاول كريستيانو وميسي العودة للبدايات من خلال تقليعات الظهور الأول؛ علَّهم يعيدونَ كتابة المشهد من جديد، لكن هيهاتْ هيهاتْ والجماهير صورٌ جامدة على مُدرجاتٍ باهتة!!

لعلَّ المشهد الدرامي الفنتازي السابق، يجسد قوة الصغير كورونا حينما يكون رسالة لإعادة صياغة حياة الإنسان في عمومِها، ومشهد الرياضة في خصوصِها، وكُل شيءٌ على ما يبدو سيتبدل، وإن عاد لسابق عهده فالاحتراز والتوجس سيعيدان شريط الأحداث، ويبقى الأثر فيما ترك لنا كورونا وفيما سنتركه حين جاء وحين ظل وحين سيعبر بإذن الله تعالى.