عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

 

 

د.خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

 

الحمدُ لله من قبل ومن بعد، الحمد لله الذي أنعم علينا بفضله وجوده وكرمه وجعلنا من الصائمين لشهر رمضان المُبارك، الحمد لله الذي أرسل إلينا آياته لتعلمنا وتبصرنا وتذكرنا وتُحدد لنا معالمنا وقيمتنا في هذه الحياة، لقد أوضح لنا ذلك الفيروس الصغير الذي لا يُرى بالعين المجردة والذي هو جندٌ من جنود الله بأننا ضعفاء جدًا وأننا لا نقوى على مواجهته ولا الصمود في وجهه، وحرمنا من التمتع بمتع كثيرة لا تعد ولا تحصى، حرمنا من صلاة الجماعة والعمرة ومن التمتع بليالي شهر رمضان وغيرها الكثير، وها هو يحرمنا من تجمع العيد وفرحته، فلله الأمر من قبل ومن بعد، وما نقول إلا ما يرضي ربنا، وسوف نمتثل للتعليمات والتوجيهات الصادرة من الجهات المختصة لأجل مصلحتنا ومصلحة الوطن.

وكنت أتساءل بيني وبين نفسي ماذا لو كان المتنبي الشاعر العباسي بيننا في هذه الأيام ماذا سيقول؟ بعد أن قال في قصيدته المشهورة (عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ..بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ) حيث كان يُعزي نفسه بعد أن تكالبت عليه الهموم وهو بعيد عن أهله وأحبابه موجهاً خطابه للعيد بأنك أقبلت في وقت صعب لا أنيس فيه ولا قريب، وحالنا من حالك أيها المتنبي فقد جاء هذا العيد في وقت صعب وجائحة عالمية أسمها (كورونا) حرمنا من ملذات عدة ومُمارسات مُمتعة في شهر الرحمة والخير والمحبة وها هو يكملها ليحرمنا لذة (عيد الفطر) فلله الأمر من قبل ومن بعد، أيها المتنبي نحن أيضًا لنا أهل وأحباب ولا يكتمل جمال العيد إلا بهم.

نشاطرك أيها المتنبي الرأي بأنَّ جمال العيد في التجمع مع الأهل والأحباب والخلان والأصحاب، جمال العيد في صلاة العيد والسلام والفرحة والأنس، جمال العيد في مُمارسة التقاليد العُمانية الجميلة منذ الصباح الباكر (العرسية أو العرسي) مرورًا بذبح الذبائح وتجهيز التنور والمشاكيك والسلام على الأرحام والجيران، جمال العيد في ابتسامة الأطفال وانتظارهم (للعيدية) وكل واحد يتباهى كم حصل منها ومن هو أكثر واحد في العائلة عيده، جمال العيد بالزيارات والالتقاء بأرواح قد لا نلتقي بها إلا في العيد، جمال العيد في لبس الجديد من الملابس، ولا نقول إلا كما قلت أيها المتنبي (عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ).

سلبتنا فرحة العيد هذه السنة يا (كورونا) ولكن سنصبر ونتحمل مثلما تحملنا مرارة الشهور الماضية متسلحين بالأمل في عودة الحياة إلى طبيعتها، سنكون أكثر إيجابية وتفاؤل بأن القادم أجمل بحول الله، سنلتزم بالتعليمات والتوجيهات الصادرة من الجهات المعنية بقلوب صابرة ومُطمئنة بأن ما يقدره الله لنا هو الخير، وسنعيش الفرحة بما يتوافر لنا من مُقدرات، سنحاول جاهدين التمتع بما يتوافر لنا من وسائل متطورة لنكون قريبين من بعض وأن تباعدت الأجساد فنحن ولله الحمد أفضل حالاً من وضع المتنبي عندما قال قصيدته وهو هارب من مصر في ليلة عيد الأضحى المبارك. وسيسجل التاريخ (سنة كورونا) التي أوقفت الحياة في كل ربوع العالم وجعلتنا نتذكر قصيدة المتنبي ونحن مقبلون على عيد الفطر المبارك لسنة 1441 هـ، ورسالة مني لكم جميعًا بضرورة الالتزام والحرص على التباعد الاجتماعي والنظافة الشخصية والمنزلية والتمتع بالعيد بالطريقة والكيفية التي تناسب كل أسرة وعائلة مع ضرورة التقيد التام بالتعليمات والقرارات، ودمتم ودامت عُمان بخير.