للكاتب العماني يونس الأخزمي: "بدون" رواية توثق ضياع الهُوية "الجندرية"

 

 

 

مسقط - الرؤية

"أتساءل بحرقة: تُرى هل خلقتُ لأفرح أبدا؟ هل فرحت حقّا ولو لمرّة في حياتي وكانت فرحة حقيقية لم يخالطها قلق؟".. ربّما تلخص صرخة علي علوان، هذه، في آخر الرواية معاناة رحلته مع الحياة .. رحلة انتقاله من أنثى إلى ذكر، ولكن: هل كان أنثى وهل أصبح ذكرا؟

تنطلقُ الرواية من شخصية علا علوان أنثى في الظاهر وذكر في الباطن، هو ذكر غير مكتمل في جسد أنثى غير مكتملة يعيش رحلة معاناة وما يشبه ضياع الهوية "الجندرية"، إلى أن يتضح له مع الوقت أنّه في حقيقته ذكر، وليس أنثى؛ لتتوالى أحداث الرواية من مدينة إلى أخرى، يربطها خيط واحد هو خيط الألم ومعاناة البطل الذي يسعى لمحو آثار الأنوثة الظاهرة من جسده، وإبراز ملامح الرجولة الموجودة فيه أصلا، رغم أن بعضها مخفيٌّ لا يُرى بالعين.

غلاف الرواية.jpg
 

لن ننجر إلى سرد أحداث رواية "بدون"  للكاتب العماني يونس الأخزمي، والصادرة عن دار عرب للنشر والترجمة (لندن - طبعة أولى 2019)، فالنصيحة هي قراءة الرواية كاملة لتُعاش أجواؤها وتُحس بعض معاناة بطلها، فقد استطاع يونس الأخزمي التوغل في روح بطل روايته ومتابعة تطور حالاته النفسية... في الرواية غوص في أعماق ذكر/أنثى غير عادي، مختلف وغير مرحب بحضوره والسرد الموجز قد يشوه "الحكاية" ويحيد بها عن غرضها الأساسي المتمثل في وضع القارئ في صلب ذلك الوجع الذي عاشه علي علوان وحيرته النفسية وصراعه مع وضعه ومع ما حوله ومن حوله، ولا أظن أنه يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال قراءة الرواية كاملة.

تطرح الرواية كموضوع أساسي حالة إنسان محروم من هُوية واضحة؛ فلا هو امرأة ولا هو رجل، ولا هو سعودي ولا هو يمني، وحتى في حال اعتباره يمنيا بحكم انتمائه لأبوين يمنيين؛ فلا هو صنعاني ولا هو عدني، ولا هو من تعز رغم أنّه ينتمي لكل هؤلاء؛ فهو في تكوينه النفسي والذاتي والاجتماعي مجموع كل هؤلاء، إلا أن هذا المجموع لا يُكوّن إنسانا "سويا" خصوصا فيما يتعلق بالجندر، ومن هنا يمكن إدراك رمزية العنوان "بدون".

تعليق عبر الفيس بوك