إدارة المخاطر.. ومواجهة الأزمات!

 

يوسف عوض العازمي

alzmi1969@

 

 

"تتجسد القيادة في تحويل ما هو محنة إلى مكاسب". صن تزو.

في زمن كورونا ونتيجة للأوضاع المفاجئة التي ألمت بالأسواق في العالم، وأكلت الأخضر واليابس، وجدنا أنَّ هناك شركات ترنحت وانهارت وطلبت النجدة منذ أول وهلة!، وهناك شركات تمحورت أوضاعها يتلاعب بها الصعود والهبوط، وبالمقابل هناك شركات تماسكت وصمدت بوجه التيار العالي، وفعلت الخطط البديلة واشتغلت بنود وإجراءات إدارة المخاطر بكفاءة عالية.

من أهم ما أثبتته هذه الأزمة الدور المحوري الهام الذي تشغله إدارة المخاطر، في هذه الأزمة تبين بجلاء دور هذه الإدارة وكيفية تدخلها الحاسم والإيجابي/ السلبي في عدد من الشركات، وتبين بوضوح من كان فعلاً يقف على قاعدة متينة صلبة ومن يقف على رمال متحركة تتجه نحو مستنقع آسن!

عندما أحدثك عن الأزمة الحالية وربطها مع كفاءة إدارة المخاطر بأي مؤسسة أو شركة عامة كانت أوخاصة، فإنني أقصد وأستقصد الخطط الموضوعة مسبقًا والجاهزة للتتفيذ، ولا أحدثك عن عمل وقرار ارتجالي يتم في وقته ويكون معرضا لكل الاحتمالات والاختلالات كذلك.

كفاءة الإدارة في إدارة المخاطر وقت الأزمات تبين طبيعة الإدارة العامة للمؤسسة ذاتها، وقديماً قيل "الخيل من خيّالها" أي إن كان القائد الأعلى التنفيذي كفؤا إداريا وقياديا بالتأكيد سيحسب حساب السبع العجاف، ولن يدع أمور المستقبل للصدفة.

أتذكر ماجرى 2008 إبان الأزمة المالية العالمية، وما جرى عندما انهارت عدة شركات ومؤسسات مرموقة تحت وطأة الضربات القاسية للأزمة وعدم وجود دفاعات فعالة لحماية هذه الشركات من أثر هذه الضربات، المفارقة أن أسماء لامعة كانت هي أول ضحايا تلك الأزمة، ومن ينسى "ليمان براذر" بنك الذي رفض الرئيس الأمريكي تقديم الحماية ومنعه من الانهيار!

الحماية الفعالة هي جودة إدارة التدقيق الداخلي، وكفاءة إدارة المخاطر، ومسؤولية إدارة الخزينة، تلك الإدارات مجتمعات متى ما أمسك زمامها قياديون ذوو نظرة ثاقبة، يطبقون استراتيجية واقعية تحتمل أقسى ما يمكن حدوثة، وكذلك من المهم العمل الدوري لاختبارات الضغط، حتى تتبين النقاط السالبة والثغرات التي قد تحصل جراء اختبار الضغط، أي أنا أحدثك عن إدارة تتجهز لمواجهة أقسى الظروف وهي في أوقات الرخاء، فإن حدث مالايحمد عقباه بشكل مفاجئ فأنت أمام جهة تتحمل الظرف القاسي بكل ما يحمل من تحديات، وقادرة على الوقوف بثقة ولوأضمحلت أو تقطعت التدفقات النقدية، وستكون هذه الجهة أو المؤسسة (قد تكون جهة عامة أو خاصة) قادرة على المواجهة بقوة وكفاءة لمدة لاتقل عن سنتين، هنا نتحدث بثقة عن إدارة تملك المرونة في المواجهة والخفة بالحركة، وتستطيع تحقيق التوازن المطلوب وبأعلى درجات الثقة.

كنت لما بدأت كتابة هذا المقال قد استشرت أحد الثقات ممن أستفيد من رأيه، فأضاف للمقال تساؤلا هاما: هل خطر تفشي الوباء كان من ضمن نموذج إدارة المخاطر المعتمد للحكومة أم هذا الخطر لم يكن مدرجًا، خصوصا وأن ما حدث يخرج عن إطار  "الكوارث الطبيعية"؟ (بالطبع يقصد شاغل الناس وباء "كورونا").

يستكمل صديقنا حديثه: لكي نتطور من الاستفادة من الدروس المجانية الممنوحة لنا من أخطائنا، فما هي الدروس من إدارة المخاطر من الأزمة الراهنة؟

لكي نضمن التطوير المستمر لخريطة طريق إدارة المخاطر في مؤسسات القطاع العام سيسهم كثيرا في مواجهة الأخطار، وهناك أسئلة في هذا الجانب لكي نتطرق إلى مفهوم واضح لهذه الإشكالية العظيمة بالإدارة، وتساؤل أخير: هل تم بناء منظومة متكاملة موصولة الأطراف؟

انتهى حديث صديقنا، وانتهت كذلك كلمات المقال.