"جارديان": ترامب ينفذ "خطة مميتة" لإعادة فتح الاقتصاد.. ويضحي بصحة الأمريكيين للفوز بالانتخابات

ترجمة - رنا عبدالحكيم

نشرتْ صحيفة "ذا جارديان" البريطانية مقالًا بقلم روبرت رايش وزير العمل الأمريكي الأسبق، ينتقدُ فيه خطة الرؤية الأمريكي دونالد ترامب لإعادة فتح الاقتصاد، واصفًا الخطة بأنها "مميتة".

وتُظهِر استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة أن ترامب معرض للخسارة في انتخابات الرئاسة المقرَّرة في نوفمبر المقبل، إلا إذا عاد الاقتصاد إلى مرحلة ما قبل كورونا، وانتعش مرة أخرى. لكنَّ مُعظم الاقتصاد لا يزال مُغلقا بسبب الوباء، ولا يزال عدد الإصابات والوفيات آخذ في الارتفاع.

إذن، ما هي إستراتيجية إعادة انتخاب ترامب؟ الاجابة هي إعادة فتح الاقتصاد على أي حال، على الرغم من المخاطر، ويوضِّح كاتب المقال 4 خطوات يرى أنها إستراتيجية ترامب لإعادة تشغيل الاقتصاد.

الخطوة الأولي: التخلص من دعم الدخل حتى لا يكون أمام الأشخاص من بديل سوى العودة إلى العمل؛ حيث قرَّرت إدارة العمل في ترامب أن على الموظفين المهتمين "قبول" عرض صاحب العمل بالعودة إلى العمل؛ وبالتالي فقدان إعانات البطالة، بغض النظر عن وجود كوفيد 19. ويهدِّد مسؤولو الحزب الجمهوري في أوكلاهوما حتى بحجب 600 دولار في الأسبوع من إعانات البطالة الإضافية التي وفرها الكونجرس للعمال، إذا أراد صاحب العمل توظيفهم. وهنا عنصر السلامة غير متضمن في الخطة.

وتقول تيريزا توماس كيلر من لجنة الأمن الوظيفي في أوكلاهوما: "إذا اتَّصل بنا صاحب العمل... فسوف نقطع إعاناتهم".

ويرى الكاتب أنَّ إجبار الاشخاص على الاختيار بين الإصابة بكوفيد 19 أو فقدان معيشتهم أمر غير إنساني، كما أنه اختيار بلا معنى. فلا تزال إجراءات الصحة العامة تعتمد على إبقاء أكبر عدد ممكن من العمال في منازلهم؛ ولهذا السبب قدم الكونجرس دعما إضافيا.

الخطوة الثانية: إخفاء الحقائق.. فلا أحد يعرف عدد الأمريكيين المصابين فعلا؛ لأن إدارة ترامب تواصل فشلها في إجراء الاختبارات الكافية. وحتى الآن تم الانتهاء من 6.5 مليون اختبار فقط في عدد سكان يزيد على 200 مليون بالغ، والإجمالي أكثر من 350 مليونا.

ففي فلوريدا على سبيل المثال، وهي واحدة من أولى الولايات التي أعيد فتحها، توقفت عن إصدار إحصائيات الفحص الطبي بشأن عدد ضحايا كوفيد 19؛ لأن الأرقام أعلى من العدد الرسمي للولاية.

لكن من المستحيل محاربة الفيروس بدون بيانات كافية. ويحذر الدكتور أنتوني فوسي خبير الأمراض المعدية الرائد في إدارة ترامب، من أنَّ إعادة الفتح تشكل "خطرًا كبيرًا حقًا" دون مزيد من الاختبارات. لذلك قام البيت الأبيض بمنع فوسي من الإدلاء بإفادات، وهذا أمر ليس بالمستغرب.

الخطوة الثالثة: التظاهُر بأنَّ الأزمة الآن تتعلق "بالحريات"، فقبل أسابيع، دعا ترامب مواطني بعض الولايات مثل ميشيجان إلى "تحريرها"؛ حيث فرض حاكمها الديمقراطي جريتشين ويتمان، قواعد صارمة للإقامة في المنزل. وميشيجان لديها ثالث أكبر عدد من وفيات كوفيد 19 في أمريكا، على الرغم من أنها تحتل المرتبة العاشرة بين السكان. وعندما مدَّد ويتمان يوم الخميس قواعد الغلق حتى 28 مايو، هرع المتظاهرون الذين حملوا السلاح إلى مقر إدارة الولاية وهم يهتفون "افتحها!". وبدلاً من إدانة سلوكهم، اقترح ترامب على ويتمان "عقد صفقة" معهم.

وفي غضون ذلك، وجَّه النائب العام وليام بار، وزارة العدل لاتخاذ إجراءات قانونية ضد أي ولاية أو سلطات محلية تفرض إجراءات تأمين "يمكن أن تنتهك الحقوق الدستورية والحريات المدنية للأفراد".

الخطوة الرابعة: حماية الشركات من الدعاوى القضائية لنشر العدوى؛ حيث يدفع ترامب لإعطاء الشركات التي تستأنف عملها "درع المسؤولية" ضد الإجراءات القانونية التي قد يتخذها العمال أو العملاء الذين يصابون بالفيروس.

وهذا الأسبوع، أعلن أنه سيستخدم قانون الإنتاج الدفاعي لإجبار مصانع معالجة اللحوم على البقاء مفتوحة، رغم المعدلات المرتفعة لعدوى كوفيد 19 والوفيات بين تجار اللحوم.

ويُصرُّ زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، على أن التشريع المقترح يمنح حكومات الولايات والحكومات المحلية التمويل الذي تحتاجه بشدة، ويشمل الحصانة القانونية للشركات التي تتسبب في إصابة العمال أو المستهلكين.

لكن كيف يمكن إعادة فتح الاقتصاد بأمان إذا لم يكن لدى الشركات حافزا للحفاظ على سلامة الناس؟ إنَّ الوعود بتوفير معدات وقائية وغيرها من الضمانات لا قيمة لها في غياب خطر الأضرار في حالة إصابة العمال أو العملاء.

الحقيقة هي أنَّ أكبر عقبة أمام إعادة فتح الاقتصاد هو الوباء نفسه، فأي اندفاع لإعادة الفتح دون اختبار وتعقب كافيين -أكثر بكثير مما هو عليه الآن- سيؤدي إلى عودة ظهور المرض وأزمة اقتصادية أخرى أطول.

إنَّ المسؤولية الأولى للرئيس ترامب هي الحفاظ على سلامة الناس، لكنه لا يستطيع أن يهتم بهذا، فكان بطيئًا في الرد على تهديد كورونا، ثم كذب بشأنه، ثم جعل من الصعب على الولايات -خاصة تلك التي يحكمها حكام ديمقراطيون- الحصول على المعدات التي تلزمهم.

ويرى الكاتب أن ترامب يحاول الآن إعادة فتح الاقتصاد بالإجبار من أجل تعزيز فرصه الانتخابية في نوفمبر، وهو يبيع صحة الأمريكيين لإبرام الصفقة، إن هذا التفكير يتجاوز مستوى الاحتقار.

تعليق عبر الفيس بوك