أحمد السلماني
الإدارة الرياضية.. علمٌ إنسانيٌّ قائمٌ بذاته، يتلخَّص تعريفها في كونها "منظومة إدارية مهمتها تنسيق وتوحيد الأعمال والجهود داخل المؤسسة الرياضية لتحقيق اهداف محددة". إذن هُنا هي مرتبطة بتحقيق الأهداف؛ وبالتالي فإن مجلس إدارة أي مؤسسة رياضية إذا لم يَرسم ويضع له اهدافًا يمكن تحقيقها، فإن عمله -وعلى مدى سنوات- سيكون كالهباء المنثور، وربما يؤثر ويهدد مستقبل ومسيرة وحتى كيان هذه المؤسسة.
عل كلِّ حال، فإنَّ المقدمة السابقة لم تأت بجديد، وإنما هي تمهيد، وقد ترقى لأن تكون تذكيرًا لأي مؤسسة أو كيان رياضي مُتعثر، وما أكثرها في محيط الرياضة العمانية، ويتعذر القائمون على إدارتها بشح الموارد المالية، والحقيقة أنَّ عدم وضع أهداف بجدول زمني، وغياب التنظيم ومؤسسية العمل تفضي كلها إلى فشل هذه المؤسسة -سواء كانت اتحادَ رياضة، أو لجنة، أو ناديا أو فريقا أهليا.
الغريب والمدهش في الأمر أنَّ شريحة كبيرة من الإدارات والقيادات الرياضية تشكو شحَّ الموارد وقلة الدعم، ومع ذلك تراها تستميت من أجل ضمان بقائها على رأس المؤسسة، وكانت إجابة أحدهم: "إنْ لم نترشح نحن فمن سيترشح؟"، منطق غريب!! والحقيقة المهمة تقول: "موسم الانتخابات قادم، والبلاد في مخاض لميلاد فكر إداري حديث، الشباب هم قطب الرحى به؛ فليرحل الأوصياء وليستريحوا، ونقول لهم شُكرًا على ما قدمتموه على مدى 5 عقود من نجاحات أو إخفاقات، فكلٌّ باجتهاده.
وللحق.. فإنَّ العمل في المؤسسات الرياضية معنا يحتاج إلى "كبد قوية"؛ نظرا للمعاناة الشديدة في إدارتها لغياب التخصصية، ولأنه مطلوب من رئيس النادي وإدارته مثلا الاهتمام بكافة المساقات الرياضية والثقافية والاجتماعية والفرق الأهلية وهمومها ومتطلباتها، والتفاعل مع الاتحادات الرياضة والوزارة، وهذا في حد ذاته يتطلب مجهودا بدنيا وذهنيا عاليا جدا، وتفرغا لهذا العمل التطوعي أصلا.
وبما أننا نعيش في مرحلة مفصلية عنوانها "النهضة المتجددة"، ومقبلون على موسم انتخابات في غالبية مؤسساتنا الرياضية، فإنني أوجه الدعوة لوزارة الشؤون الرياضية وللجنة الأولمبية بضرورة صياغة منظومة قوانين وتشريعات جديدة تكفُل وصول المتخصصين والمؤهلين أكاديميا وعملياتيا لمجالس إدارات الاتحادات واللجان والأندية الرياضية، وأتمنى أن تتم الاستفادة من مخرجات أكاديمية رياضية تتواجد بمؤسساتنا التعليمية ولم تتاح لها الفرصة، وأيضا ممن اجتازوا دورات وورش عمل "الأكاديمية الأولمبية العمانية" أو المؤسسات الدولية المرموقة والمعروفة؛ فهناك الشهادات المضروبة التي تستوجب الحذر منها.
كما أتمنَّى أن ترى "أكاديمية التفوق الرياضي" النورَ، وبهيكلة مؤسسية سليمة لضمان مخرجات تنافسية عالية، وأن لا يكتفى بتوجيهها نحو برامج "مراكز إعداد الناشئين"، وأن تتم إعادة صياغة مفهوم "النادي"، والتفريق بينه وبين "الفرق الرياضية"، وأن نعيش تخصصية هذه الأندية، وإيكال البرامج والأنشطة الثقافية والاجتماعية للجمعيات والمؤسسات الأهلية الأخرى منعا للازدواجية.