مدرين المكتومية
في ظل الوضع القائم من وقف الأنشطة الاقتصادية ومختلف أوجه الحياة يتعرّض الكثيرون منّا لمزيد من الضغوط النفسية والمتاعب الاجتماعية، نتيجة لحالة العزلة التي بتنا نعيش فيها منذ تفشي فيروس كورونا والمؤسف في الأمر أن آفاق هذه الأزمة غير متضحة لأي طرف سواء صناع القرار أو الأطباء أو حتى الأفراد العاديين مثلي ومثلك.
ولذلك لا أجد حلا أفضل من العودة تدريجيا إلى الحياة الطبيعية مع اتخاذ كافة الإجراءات الاحتياطية والتدابير الاحترازية من أجل أن تمضي الحياة نحو الأمام، ولا تظل متوقفة ومشلولة كما هو الحال الآن.
انظروا إلى مختلف القطاعات الجميع يتكبد الخسائر الفادحة، حتى القطاعات التي نظن أنها تحقق أرباحا الآن هي في حقيقة الأمر أرباح مؤقته ناجمة عن حالة الذعر التي تنتاب البعض فيقبلون على هذه القطاعات مثل قطاعات الأغذية والمشروبات.
إذا نظرنا إلى قطاع التعليم سنجد الأمر يمضي في مسارين وسط تحديات كبيرة؛ الأول: طلاب استفادوا من التعلم الإلكتروني فقط فيما يتعلق بمتابعة التحصيل الدراسي، لكنّهم خسروا البيئة التعليمية التي تقدم لهم ما يحتاجونه من احتياجات تربوية ونفسية، فأطفالنا ماكثون في بيوتهم لا حول لهم ولا قوة، يفتقرون إلى الصحبة التي تعينهم على قضاء الوقت، يفتقرون إلى المتنزهات والحدائق التي يمكنهم من خلالها أن يفرغوا طاقاتهم، ويشغلوا أوقات فراغهم.
وفي المسار الثاني؛ نجد طلابا لم يتمكنوا من الاستفادة من أنظمة التعلم عن بعد، ولا حتى من متابعة دروسهم عبر أي وسيلة، وهؤلاء أزمتهم مُركبة، فهم من ناحية لم يحصلوا على حقهم في التعليم ولا حتى حقهم في الترفيه.
الأمثلة كثيرة ومتعددة تبرهن أن الأزمة الحالية قد وضعتنا في نفق مظلم وتركتنا عمياناً نبحث عن بصيص الضوء الذي يقودنا إلى مخرج من هذا النفق.
ورغم ما تم اتخاذه من قرارات إيجابية بفتح بعض الأنشطة التجارية والاقتصادية؛ وهي ضرورية، إلا أنني أناشد كل صانع قرار أن يتم إعادة النظر سريعا فيما يتم فرضه من إجراءات وضوابط أخرى، فعودة الحياة إلى طبيعتها ليست خيارا بقدر ما هي ضرورة حتميّة؛ إن لم ننفذها فالخسارة لن يتم تعويضها، والأزمات لن تنتهي، والعواقب ستكون أشد وطأة لو أصيب عدد كبير من الناس بهذا الفيروس.
فعلى كل فرد منا في هذا المجتمع بل وهذا العالم أن يكون أمينا على نفسه وحريصا عليها وعلى من هو مسؤول عنهم؛ فالأب المسؤول عن أبنائه وأسرته مطالب بتوجيههم نحو ضوابط الحماية اللازمة لتفادي الإصابة بكورونا، علينا أن نمارس حياتنا بطريقة صحية وسليمة كي نتجنّب العدوى من أي مرض وليس كورونا وحسب.
إننا في نهاية المطاف نعيش ما يعيشه العالم، ولا نعلم جميعنا إلى أين يمضي بنا الأمر مع هذه الجائحة، التي وبالطبع نتائجها وخيمة ليس فقط في الوقت الحالي، وإنما في قادم الوقت، وعلى كافة الأصعدة والمستويات، لذلك لابد أن نبدأ بالتعافي من كل ذلك بالالتزام بكافة المحاذير والقيام بكافة الضوابط لتسير الحياة بشكلها الطبيعي، دون خسارات يتكبّدها الوطن والمواطن.