◄ ندعو إلى ضم مواد الابتكار ضمن المناهج الدراسية للطلاب وتجهيز المكتبات بالكتب ومصادر التعلم والتقنيات الحديثة
سعيد بن حميد الهطالي
إننا أمام واقع يحفزنا على إحداث تغيير إيجابي، ويحثنا للاستعداد جيداً للعمل لمرحلة ما بعد كورونا، فلا مكان فيه للتأخر أو التقاعس عن اللحاق بركب التطور الحضاري العالمي من أجل تحقيق عملية التحول المجتمعي بكافة مجالاته .. ومواكبة مستجدات الإبداع والابتكار اللذين يمثلان عوامل النجاح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة هذا ما وقفنا عليه في اللقاء السابق.
فمن أجل تنمية مستدامة ونهضة مُتجددة فلابد من إثبات الذات وبيان القدرات، وحشد المعارف والطاقات والإمكانيات اللازمة، والاستفادة من التطور التقني والتقدم العلمي والمعرفي، وبذل الجهود المتواصلة من أجل تحسين وتطوير الأداء، وحسن استغلال الموارد المتاحة لتحقيق الأهداف الوطنية .. ومن ضمن هذه الجهود وضع الجودة والاتقان في أعلى سلم أولويات العمل الوطني الذي ينطلق من تطوير أساليب ومهارات التطوير، واعتماد منهجية الابتكار والإبداع، والاختراع التي يجب أن يتبناها الجهاز الإداري للدولة بمختلف مؤسساته..
فلا بد من تعزيز ثقافة الابتكار وتفعيل دوره، وتوظيف أدواته، وتصميم آلياته، وتطوير ممكناته، وتضمين حلوله الإبداعية كأسلوب حياة،وكسلوك ثقافي، وكدليل عمل في عالم تسوده التحديات والأزمات التي تعصف بحياة المُجتمعات..
إنَّ المبتكر لابد من أن يولد في مجتمع تتكاثر في بيئته ممكنات الابتكار وتعزيزه وتحفيزه، فمنذ مراحل طفولته المبكرة عليه أن ينشأ في كنف أسرة تمتلك تربة تربوية تساعد على نمو وتكوين ملامح الابتكار في شخصيته قبل أن ينتقل إلى رياض الأطفال ثم المدرسة التي تعد البيئة الثانية لتنمية ورعاية جوانب الإبداع والابتكار، واستثمار عقول الثروة الوطنية ورصيدها الحضاري استثماراً قيمياً وأخلاقياً وعلمياً ومنهجياً التي يديرها معلمون ومعلمات قد أعدوا إعداداً خاصاً لرعاية الموهوبين، والمتفوقين.. وضم مواد الابتكار ضمن المناهج الدراسية، وتجهيز المكتبات بالكتب ومصادر التعلم، والتقنيات الحديثة.. والاهتمام بالصفوف اللاصفية لتوسيع مساحة الإبداع والابتكار من خلال الأنشطة والفعاليات الأكثر تنوعاً وتخصصاً التي تمارس خارج جدران الصفوف الدراسية.
ثم الانتقال إلى الجامعة ومؤسسات التعليم العالي التي كذلك عليهن القيام بدورهن لتعزيز وتفعيل الابتكار وريادة الأعمال في المراكز الجامعية لعقد وتنظيم برامج، وورش، ومناشط، وفعاليات، ومعارض لتفعيل المشاركات والمشاريع التي تستهدف مبادرات الابتكار.. ثم الانتقال إلى ميدان العمل المختلفة التي ينبغي أن يتوفر فيها المناخ المناسب والبيئة الحاضنة لممارسة الابتكار.. إن هذه الأدوار التكاملية هي الأمل المأمول والهدف المنشود الذي تسعى إليه أي حكومة تسعى لصناعة أجيال مبتكرة تساهم في تنمية وازدهار بلادها.
لذا فإنَّ على القيادة الفعَّالة في بيئة التحول المؤسساتي أن تكون متسلحة بقيم أخلاقيات العمل، وبالعلوم والفنون والمهارات الإنسانية والفنية والإدارية المرتبطة بمتطلبات عصر المعرفة، وامتلاك الفهم الواضح والرؤية الاستراتيجية للابتكار باعتباره النشاط الأكثر أهمية ضمن أطر العمل والسياسات التي تمَّ وضعها لأداء وظائفها ومهامها الرئيسية لكي تستطيع القيام بمسؤولياتها، وتتصرف التصرف الإداري اللائق إزاء المتغيرات التي تحكمها ظروف البيئة المحيطة داخلياً وخارجياً وإدراك مهامها ووظائفها لأدوارها في عملية التغيير وترسيخ المعرفة داخل المؤسسية وخارجها .. لذا لا بد من أن تتوافر في عقول رؤسائها أفضل الأفكار المستنيرة التي يعبرون عنها، ويستطيعون تسويقها للآخرين وخاصة مرؤوسيهم ليبنوا معهم جسور الثقة، ويشركوهم في عملية التغيير من خلال تشجيعهم على طرح الأفكار البنّاءة والمشاركة الفعالة في عمليات الممارسة والتطبيق سعياً للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والوصول إلى مصاف الدول المتقدمة.