الأطفال في زمن الجائحة

 

د. جمانة بنت أحمد العبدوانية **

** رئيسة قسم صحة الطفل بالمديرية العامة للرعاية الصحية الأولية بوزارة الصحة

 

 

تباينت الدراسات حول فيروس كورونا كوفيد- 19 يأتي بمفاجآته بين فينة وأخرى، وسقط الاعتقاد الذي  كان يقول بأنَّ الطفل محصن منه فحول العالم أجمع جاء الواقع مرئياً على رؤوس الأشهاد، وأصيب الأطفال به، وبنسب متفاوتة وقد شهدت السلطنة أيضاً إصابات لأطفال بأعمار مختلفة بل حتى الرضيع لم يكن بمنحى عن الجائحة فكان له نصيب منها.

والأساس في الأمر هو الوقاية والاهتمام بغسل اليدين بالماء والصابون للأفراد جميعاً بالمنزل من كبار وأطفال وعاملين مع الحرص على نظافة الأسطح ومقابض الأبواب وألعاب الأطفال قدر الإمكان، هذا طبعاً مع تطبيق العزلة المجتمعية ليس فقط بين البالغين ولكن أيضاً بين الأطفال وذلك مع الجيران أو الأطفال الآخرين،  كما تعتبر التغذية السليمة عاملا مهما جدًا، والمحافظة على شرب المياه بشكل أساسي ومكثف والسوائل المفيدة بشكل عام، فالتغذية السليمة تقوي بنية المناعة لدى الطفل وبالتالي في حالة الإصابة تكون الأعراض أقل ويستطيع جسم الطفل أن يقاومها.

ومن جانبنا، نؤيد نتائج الدراسات التي تفترض أن عدد الصغار المصابين بالفيروس المستجد أقل من عدد البالغين حيث يقول المختصون إنَّ سبب قلة الإصابة بفيروس (كورونا كوفيد- 19) لدى الأطفال قد يعود لعدم وجود مستقبلات في حويصلات رئة الطفل وهي خلايا يستخدمها الفيروس للهجوم على الجسم، إضافة إلى عامل مهم وهو اختلاف البروتين الموجود على سطح الخلايا الرئوية للطفل، بحيث إنَّ الفيروس يستخدم البروتين للدخول إلى تلك الخلايا مما يساعد على تكاثره هناك، ناهيك عن أنَّ الكبار أكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات المصاحبة للالتهاب بسبب زيادة الإصابة بالأمراض المزمنة كالسكري والضغط وكذلك انخفاض مناعة أجسادهم مما يجعلهم فريسة سهلة لفيروس كورونا.

وردا على سؤال حول كيفية وقاية الأم غير المصابة أثناء اعتنائها بالطفل المصاب بفيروس كورونا وعن مدى إمكانية تواجد الفيروس في مخلفات الطفل العضوية، نوضح أنَّه لا تزال الدراسات مستمرة حول خصائص هذا الفيروس ولكن بعضها يشير إلى احتمالية انتقال الفيروس عن طريق البراز، وعلى كلٍ فإنَّ في حالات الفيروسات المعدية فهناك إرشادات وتوجيهات خاصة للأم فيجب عليها اتباع كافة الإرشادات والتحذيرات والأخذ بها ووضع كافة الاحترازات والتدابير قيد التنفيذ مع التشديد على لبس القفازات والكمامات وكذلك ضرورة غسل اليدين بالماء والصابون والاهتمام بتعقيم المكان بعد الانتهاء من تنظيف الطفل تجنباً لنقل العدوى لها أو للآخرين، ولكن إذا كان الطفل في حالة العزل المؤسسي فإنَّ الفريق الطبي يتولى المهمة مع إشراك الوالدين واطلاعهم على كافة الإجراءات الوقائية.

 ولذا نشدد على ضرورة الانتظام والالتزام بتطعيمات الأطفال الروتينية، وأخذ اللقاحات وفق المقرر لها في البطاقات الصحية لدى الأطفال وعدم التأجيل حيث إنَّ أخذ هذه اللقاحات في أوقاتها يقي الطفل من بعض الأمراض التي من الممكن أن تصيبه إذا لم يتم الانتظام، علمًا بأنَّ وزارة الصحة قامت بوضع ضوابط الأمن والوقاية في المراكز الصحية المخصصة لتلك التطعيمات من خلال عزل أماكن التطعيم عن الأماكن الأخرى واقتصار الزيارة على أخذ اللقاح فقط لتقليل مدة تواجد الأم والطفل في المستشفى، بالإضافة إلى أنه يتم تسجيل الطفل من قبل الممرضة المسؤولة عن تقديم اللقاح وليس عند موظف السجلات الطبية إضافة إلى الالتزام الوقائي من كادر المؤسسة الصحية واتباع كافة إجراءات السلامة.

ونعود للتذكير بأنَّ الوقاية والالتزام والمحافظة على التباعد المجتمعي وترك مسافة بين الأطفال وكذلك محاولة تثقيفهم من خلال أساليب متعددة يتبعها الوالدان كمشاهدة اللقطات الكرتونية التوعوية الخاصة بالأطفال مع غرس أهمية النظافة وجعلها أسلوب حياة وسلوك يومي متبع لهم، وإعطائهم معلومات بطرق مصورة مفهومة عن أن الفيروس هو عدو خفي يتربص بسلامتنا فعلينا أن نرسم له وجودا وإن لم نكن نراه لكي نتجنب الإصابة به، وسيعلم الأطفال كم هو جميل الالتزام المؤقت لكي يعودوا إلى حياتهم الطبيعية وممارسة طفولتهم بحرية، فلا طفولة حقيقية تعاش إلا تلك التي يركض فيها الأطفال بعافيتهم في الحدائق الفسيحة أو السكك الضيقة وفي أحضان الحارات.

تعليق عبر الفيس بوك