"فورين أفيرز": كوريا الجنوبية "أُمَّة الابتكار" تتفوق على أمريكا في التصدي لـ"كورونا"

 

 

ترجمة - رنا عبدالحكيم

أثنَى تقريرٌ نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية على جهود كوريا الجنوبية في الاستجابة السريعة للتعامل مع تداعيات فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، مشيرا إلى أنَّ كوريا وصلت بذلك إلى مستوى جديد من الرعاية الطبية.

وأثبتتْ استجابة كوريا الجنوبية -وهي مزيج من الإجراءات السريعة والابتكارات السياسية التي تنسقها الحكومة الوطنية- فاعليَّتها الهائلة في احتواء تفشي كوفيد 19، ويُمكن أن تقدم دروسًا لبلدان أخرى؛ مثل: الولايات المتحدة، التي تعثرت بالمقارنة. ولكن نظرًا لأن الولايات المتحدة قد أهدرت وقتًا ثمينًا لاحتواء الفيروس؛ فقد تضطر إلى التفكير في نسخة من الحلول المشابهة لكوريا الجنوبية إذا أرادت إنقاذ الأرواح، وإعادة فتح الأعمال، والقبض على السقوط الاقتصادي الحر.

 

الوقت هو جوهر المسألة

وترَى المجلة -في تقريرها- أنَّ الخطَّ الزمنيَّ لاستجابة كوريا الجنوبية مثَّل عنصرا فاعلا في احتواء الجائحة؛ فلم تهدر مؤسسات الدولة الكثير من الوقت، وبعد أقل من أسبوع على اكتشاف كوريا الجنوبية أول حالة لها من "كوفيد 19" في 20 يناير الماضي، التقى مسؤولو الصحة مع 20 شركة طبية وصيدلانية لبدء إنتاج معدات الاختبار والموافقة عليها. وبعد بعض التردد الأوَّلي، أعلنت الحكومة حالة طوارئ وطنية في 23 فبراير.

وفي المقابل، استغرقتْ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب 3 أسابيع أخرى للقيام بنفس الإجراء.

وضعت كوريا الجنوبية أولوية للعمل بسرعة، حتى بعد بدايتها المبكرة. وفي نهاية شهر يناير -بعد تسعة أيام فقط من أول حالة إيجابية- قامت المراكز الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (KCDC) وخدمة التأمين الصحي الوطني بإنشاء مركز اتصال "1339" لجمع بيانات الحالات. وفي الوقت نفسه، بدأت وكالة الصحة والسلامة المهنية الكورية في توفير أكثر من 700000 قناع وجه لأماكن العمل الضعيفة. وبعد حوالي أسبوعين من تأكيد الحالة الأولى، وافقت الحكومة ووزعت مجموعات اختبار قادرة على تحقيق نتائج في غضون ست ساعات. ثم شرعت كوريا الجنوبية في اختبار أكثر من 20000 شخص يوميًّا.

 

أُمَّة الابتكار

إنَّ استجابة كوريا الجنوبية البناءة للوباء الجديد تدين بالكثير للابتكار.. لقد تمَّ بالفعل إيلاء الكثير من الاهتمام لاستخدام كوريا الجنوبية للتطبيقات ذات التقنية العالية وكاميرات المراقبة التليفزيونية المغلقة لتحديد الموقع الجغرافي ووضع العلامات على المرضى.

من أول حالة إيجابية لكوريا الجنوبية، على سبيل المثال، توصل مسؤولو الصحة إلى فكرة إنشاء مرفق اختبار القيادة. وسمحت هذه المرافق للآلاف بالاختبار يوميًّا حتى مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي؛ حيث انتظر المرضى بأمان في حدود سياراتهم.

 

جميع السياسات وطنية

جمعتْ الحكومة بين القطاعين العام والخاص لحل المشكلات، واستجابت لتفشي المرض على المستوى الوطني، بدلاً من ترك السلطات المحلية لمعالجة الوباء. وتستعد السلطات الوطنية للتعافي من التداعيات الاقتصادية للوباء من خلال الإعلان عن حزم المساعدات للمدن والمحافظات، وتعليق مدفوعات الضمان الاجتماعي، وتقديم مدفوعات نقدية للأسر التي تقل عن متوسط ​​مستوى الدخل.

ولا يظهر تأثير التنسيق الوطني في أي مكان أكثر من حالة الأقنعة. عانت كوريا الجنوبية من نقص في القناع مشابه لتلك الموجودة في الولايات المتحدة، وهناك أيضًا أدى النقص إلى الاكتناز وتلاعب الأسعار. وفي 5 مارس، اشترت الحكومة 80%من الأقنعة المنتجة محليًّا. وقد أعطت الأولوية للمستشفيات للتوزيع، ثم أنشأت نظامًا لتحديد الأسعار وحصص الإعاشة. ولمنع التخزين، لم يُسمح للمواطنين بشراء الأقنعة إلا في أيام محددة بناءً على الأرقام الأخيرة من سنوات ميلادهم.

 

التتبع

ويقدِّر الأمريكيون خصوصيتهم كحق دستوري، ونتيجة لذلك يرفضون استخدام خاصية تتبع المواقع، ويختارون بدلاً من ذلك انتظار اللقاح. لكن هذا الانتظار قد يستغرق أكثر من عام، ويمكن أن يخلق أضرارا مالية وجسدية ونفسية لا حصر لها. فتطبيق الهاتف في كوريا الجنوبية هو الحل الممكن؛ فهي تستخدم نظام GPS بفاعلية، وهي تقنية مألوفة لمعظم الأمريكيين. نظرًا لتأخرها المبكر في الاختبار والتتبع، يجب على الولايات المتحدة اتخاذ هذه الخطوة غير المريحة تجاه التتبع الاجتماعي، حتى مؤقتًا، أو المخاطرة بخسارة عشرات الآلاف من الأرواح.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة