مدرين المكتومية
إنّ الحياة متاهة من الأسئلة التي لا جواب لها في كثير من الأحيان، ولكنّها تبقى عالقة في الأذهان، ونظل بشكل دائم نبحث عن إجابات لتلك التساؤلات، تساؤلات غريبة تجتاح عقولنا فتسيطر على الكثير من رغباتنا تجاه الحياة، نجد أنفسنا بين أننا نعيشها بسعادة مطلقة وبين أننا نشعر بشيء ما يجلب إلينا الحزن، وفي كل الأحوال فإنّ الحياة في مجملها تساؤلات ورحلة شاقة من البحث.
فعندما نجد أنفسنا اليوم أمام فيروس كورونا فإنّ الكثير من التساؤلات تمر عبر عقولنا الصغيرة، أولها من أين أتانا هذا الفيروس، ومن اخترعه، ولماذا في الوقت هذا بالتحديد؟ وكيف ستسير الحياة بعد هذه الفيروس الذي دمّر العالم بأكمله، وأطاح بدول كانت تصنف على أنّها عظيمة. كل هذه التساؤلات ما هي إلا مفاتيح لأبواب مغلقة لا طارق لها ولا من مجيب خلفها، أبواب تجعلنا نعيش هذه الأزمة بلا يقين، فكل يوم دراسة، وكل يوم فكرة، وكل يوم بحث عن طرق ووسائل لحل هذا الفيروس الذي حتى الآن شلّ حركة العالم، ولم يستطع أحد الحصول على إجابات لغموضه.
كورنا الذي أتى غامضا، دون أن نعرف له تفاصيل، جاء ليخبرنا أنّ الحياة غير قابلة للتفاوض، وأننا في لحظة من لحظات العمر قد نفقد أناسا نحبهم، وأنّنا مُعرّضون في أي لحظة للتحطّم والانكسار، فعندما نصل لمرحلة عدم اليقين أو الأبواب المغلقة وكأننا في صراع أو لعبة مفتعلة نعيشها كما يعيشها مسرحيون يؤدون عملا ما، وهذا الشعور يأخذني ناحية أحد أشهر مسرحيات جون بول سارتر "الأبواب المغلقة" والتي تحكي عن مخاوف العامة، كعلاقاتنا بالآخرين من حيث الحذر والتوجس والخوف، فأي علاقة بشخص ما تجعل الطرف الآخر يشعر بالكثير من المشاعر حيال ذلك الشخص خاصة وإن كان يصنف من الأشخاص "المجهولين".
عندما استعرضت فكرة الأبواب المغلقة فإنني أشبه بالتحديد ما نحن فيه وعليه الآن مع هذا الفيروس الذي لا وسيلة للتصدي له سوى الخوف والحذر والتوجّس من الإصابة به، لأننا وللأسف الشديد نعيشه بطريقة لا ندري ما الذي يخفيه، وحاول العلماء جاهدين البحث عن لقاحات للتصدي له ولكنهم للأسف حتى الآن يبحثون في المجهول والغموض، الأمر الذي يجعلنا في بحث دائم عن المفتاح الذي يمكننا من خلاله فتح الأبواب المغلقة لنكتشف الحقيقة كما هي بدون أي تهويل وتخويف.
عندما نجد أنفسنا أمام غموض شخص فإننا ولابد أن يأتي اليوم ونكتشفه، ولكننا أمام غموض فيروس لم يستطع أحد الوصول لوضع حل له، ولذلك فإنّ الإنسان عندما يقف أمام شيء آخر لا يربطه ولا يملك ما يمتلكه من صفات فإنّه يصبح جاهلا وباحثا وغير قادر في الوصول لحل يمكنه أن يكمل مشوار الطريق الذي يرغبه.
إننا أمام تساؤلات كثيرة ولا إجابة لها، ولكننا أيضا أمام مفترق كبير وخطير، أمام تغيرات سيفرضها الوضع الراهن وعلينا أن نكون بكافة أدواتنا مستعدين لذلك التغيير الذي سيفرضه العالم من حولنا، فما نحن فيه ليس بالأمر البسيط والهين، وليس كما نتوقع، الأمر أيضا أكبر بكثير من كورونا، إننا أمام انهيارات اقتصادية لا مفر منها، سوى التخطيط وتقبل فكرة التغيير الطارئة.