"بلومبرج": تأجيل "حرب الأسعار" غير مؤثر بالمرة

انهيار صناعة النفط لم يعد توقعات.. "مرحبا بكم في السوق الحرة للخام"

خفض الإنتاج في السعودية وروسيا للصفر الحل لعودة سوق النفط إلى طبيعتها

ترجمة - رنا عبدالحكيم

أكَّدتْ وكالة بلومبرج الإخبارية أنَّ انهيار صناعة النفط لم يَعُد مُجرَّد توقعات متشائمة أو تقديرات تستند إلى حرب الأسعار القائمة بين السعودية وروسيا، لضرب النفط الصخري الأمريكي، مشيرة إلى أنَّ الذهب الأسود لن يخضع بعد اليوم لسيطرة كبار المنتجين، بل سيكون سوقا حرة للجميع.

وفي مقالٍ نشرته الوكالة، يقول الخبير النفطي جوليان لي: إنَّ تأجيل حرب أسعار النفط في الوقت الراهن لن يؤدي إلى إحداث فارق كبير في صناعة تنهار فعليا، تحت وطأة تدمير الطلب. فقد فات الأوان لاستخدام الدبلوماسية والمفاوضات الفنية لتقاسم عبء تخفيضات الإنتاج التي أصبحت حتمية الآن.

وأوضح الخبير النفطي أن الضخ المجاني الذي أطلقته المملكة العربية السعودية وروسيا أمر مهم على المدى البعيد لصناعة النفط، لكن هذا ليس سوى أضرار جانبية لما سينجم من خراب نتيجة لعمليات الأغلاق العالمية، والتي عطلت الاقتصادات في جميع أرجاء المعمورة، في ظل الإجراءات المتخذة لمكافحة فيروس كورونا التاجي. وتظهر التوقعات انخفاضا كارثيا في الطلب على النفط خلال المرحلة المقبلة، مع تزايد تقديرات تراجع الاستهلاك العالمي بنسبة 20% على أساس سنوي في أبريل المقبل، وهذا يعني خسارة 20 مليون برميل في اليوم، أي ما يعادل الاستهلاك الكامل للولايات المتحدة.

ويرَى الكاتب أنَّ من المستحيل على أي مجموعة صغيرة من المنتجين تخفيف هذا النوع من التأثير عن طريق خفض الإنتاج، ما لم تقم كل من المملكة العربية السعودية وروسيا بخفض إنتاجهما إلى الصفر تقريبًا.. وهذا لن يحدث.

ودَعا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو السعودية إلى "الارتقاء إلى مستوى الحدث وطمأنة أسواق الطاقة والمالية العالمية".

لكنَّ المشكلة تتمثل في أن المقصود قيام المملكة العربية السعودية بوقف إنتاجها من جانب واحد، بدلاً من محاولة جمع "تحالف الراغبين" قصير المدى، بما في ذلك الولايات المتحدة، للعمل معًا لمواجهة مشكلة عالمية، وهذا ما حدث من قبل في عام 1999.

وبالطبع في العام 1999، كان من غير المعقول توقع أن تنضم أمريكا إلى جهود خفض الإنتاج. فقد كانت الولايات المتحدة تضخ ما يزيد قليلاً على 6 ملايين برميل في اليوم -أي أقل من نصف إنتاجها الحالي- واستوردت أكثر مما صدرت، وهي الدولة التي تستهلك الغازات حوالي 10 ملايين برميل في اليوم من المنتجات الخام والمكررة.

لكنَّ العام 2020 ليس عام 1999؛ فالولايات المتحدة هي الآن أكبر منتج للخام في العالم؛ حيث تضخ 13 مليون برميل يوميًّا، حتى أكثر مما تستطيع المملكة العربية السعودية توفيره إذا فتحت مضخاتها بالكامل. وحتى الآن، صدّرت أمريكا هذا العام نفطًا أكثر مما استوردته.

لذلك؛ وفي حالة استمرار الوضع، ستمتلئ صهاريج التخزين حول العالم، وسوف تطفو السفن المتخمة بالنفط غير المرغوب فيه في المراسي الآمنة، وسيضطر المنتجون إلى إغلاق الآبار.

ويرى الاستشاريون في "آي.إتش.إس - ماركيت" فائضا قدره 1.8 مليار برميل من النفط الخام خلال النصف الأول من العام 2020. ومع ذلك، هناك 1.6 مليار برميل فقط من سعة التخزين المتاحة، ويؤكد الكاتب أنه وبدون تخفيضات الإنتاج، لا مفر من إغلاق الإنتاج.

لقد كانت أمام منظمة أوبك فرصتها الأخيرة في مارس، لكن قادة أمريكا بددوا فرصتهم في زعامة منتجي النفط، وسيتم توزيع تخفيضات الإنتاج عبر آليات السوق الحرة، على أساس أنَّ من لديه حقَّ التخزين في الصهاريج، وهناك فريق آخر سيخسر المال مع مواصلته ضخ النفط في الأسواق.. لذلك يختتم الكاتب مقالته قائلا: "مرحبًا بكم في السوق الحرة للنفط".

تعليق عبر الفيس بوك