ترجمة- رنا عبدالحكيم
يرى إيان جولدين أستاذ العولمة والتنمية في جامعة أكسفورد أن الأوبئة تشكل خطرًا على العالم أكبر بألف مرة من الحروب، قائلا إن الأوبئة تعمل على إظهار مدى تكافل العالم.
وبحسب ما نشرته صحيفة تشاينا ديلي، قال جولدين "يمكننا فقط مكافحة هذه التهديدات العالمية وغيرها، مثل تغير المناخ ومقاومة المضادات الحيوية، من خلال العمل المشترك". وأضاف "علينا أن نبني عالماً تعاونياً ومتناغماً، حيث ندرك أننا أقوياء فقط مثل أضعف ما بيننا".
وتنبأ جولدين وهو المستشار الاقتصادي السابق لرئيس جنوب إفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، في كتابه الصادر عام 2014 “Butterfly Defect”: كيف تسبب العولمة مخاطر نظامية، وماذا تفعل حيال ذلك، متوقعا أن الأزمة الاقتصادية المقبلة ستأتي نتيجة لتفشي جائحة.
وقال جولدين "كان من المنتظر وقوع هذه الكارثة منذ فترة طويلة، لقد كانت مجرد مسألة أين ومتى ستبدأ؟ كانت الصين أحد المصادر المحتملة، لكن كان يمكن أن تبدأ بالتساوي في العديد من مئات الآلاف الأخرى من المدن حول العالم".
وتوقع جولدين أن يكون السبب المحتمل للوباء هو انتقاله من الحيوان إلى الإنسان. وقال في كتابه "من المحتم أن هذه الفيروسات لن تنشأ فقط بشكل أكثر تواترا في الانتقال من الحيوان إلى الإنسان. ومع تجمع الأفراد في المطارات- رمز للعولمة- للتحليق بجميع أنحاء العالم كان انتشار العدوى أكثر سرعة".
وأضاف في تصريحات أن الوباء الحالي يشكل اختبارا كبيرا للمجتمع العالمي، لكن الاستجابة حتى الآن كانت أقل تنسيقا من ذلك للأزمة المالية العالمية لعام 2008. وتابع قائلا: "لم يكن الأمر أسوأ من ذلك، لكنه كذلك. لقد تصرفت الصين بسرعة، لكن المشكلة تكمن في بقية العالم. كانت الولايات المتحدة مخطئة للغاية، فالتصريحات الواردة من البيت الأبيض لم تكن تنذر بالخطر، لكنها تلقي باللوم على الأجانب."
وقال جولدين، والذي يزور الصين بانتظام، إن ثاني أكبر اقتصاد في العالم أظهر قيادة واستعدادا لمساعدة الدول الأخرى. وأضاف "لم تتخذ أي دولة أي خطوة بالسرعة وعلى النطاق الذي قامت به الصين، لقد قامت بتعبئة الإمدادات الطبية والأفراد لإيطاليا، نحن بحاجة إلى إيجاد لقاح، وهذا يعني جهدا عالميا". وأضاف أن الأزمة تأتي في وقت يدير فيه البعض بالغرب، على وجه الخصوص، ظهورهم للعولمة.
ومضى يقول "إن الحوكمة العالمية غير صالحة تمامًا لأغراض القرن الحادي والعشرين وليس أقلها مكافحة هذا الوباء. هذا الأمر يتطور، ونصف الكرة الجنوبي في بلدان أفريقية ستحتاج إلى دعم هائل، لا نرى أيًا من أقر بذلك حتى الآن".
وبحسب جولدين، فإن مشكلة العولمة- كمفهوم- هي أن كل شخص لديه منظور مختلف لها، اعتمادًا على مكان تواجدهم. وقال "إن وجهة نظر العولمة من أوروبا والولايات المتحدة مختلفة جدا عن وجهة نظر بكين أو جاكرتا أو مومباي".
ومع ذلك، يصر الخبير الاقتصادي على أن العولمة كانت القوة الدافعة وراء تقدم التكنولوجيا والحضارة المعاصرة. وأشار جولدين إلى أنه منذ الأزمة المالية العالمية، فشل الغرب في إدارة العولمة، معربا عن خشيته من خطر أن يصبح العالم أكثر انقسامًا في موقفه من العولمة.
وقال "ستستمر آسيا على الأرجح في اعتبار العولمة أمر جيدًا على نطاق واسع، ومصدرًا للنمو المستمر والفرص. وفي المقابل سيزيد التعصب في الغرب، وسنرى المزيد من التوجهات الشعبوية والقومية، وسيكون ذلك سيئًا جدًا للعالم".
وبين أنه قد يكون من الخطر على العالم أن يبتعد عن العولمة، إذ تحتاج المشاكل العالمية- بما في ذلك الوباء الحالي- إلى حلول عالمية. ويعتقد جولدين أن على العالم أن يتعلم بعض الدروس الأساسية من الوباء.
وقال "لن تستطيع الولايات المتحدة أو أوروبا أو الصين العمل بمفردها، فمكافحة الفيروس تتطلب طريقة جديدة في التفكير تعطي الأولوية للحكم العالمي ومصالح كل من الناس وكوكبنا. فمستقبل البشرية بات على المحك".