الاستهتار مرفوض بشدة

 

د.خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

 

لا يهم هنا تعريف الاستهتار ولا معناه في اللغة والأدب، ولا إذا كان حديثا أو قديما ولا مجال لمعرفة أسبابه النفسية والأسرية، ولا أشكاله وأنواعه وممارساته المختلفة، المهم في هذا الوقت محاربته سواء كان هذا الاستهتار فرديا أو جماعيا، فنحن نمر بمرحلة خطيرة وحساسة واستثنائية وعلينا جميعًا أن نقف صفا واحدا في التصدي لمن يمارسه بكل الطرق والأساليب المتاحة.

إنَّ الاستهتار كله وبدون تمييز له مخاطر ومضار وسلبيات على النفس والمجتمع، ولا نقر بها في وقت الرخاء ولا الشدة، فهناك من يستهتر بمشاعر الناس وبمعتقداتهم الدينية وبأشكالهم وبأعمالهم وبالمرضى وهناك من يصل الاستهتار معه إلى تعريض حياة الناس وأرواحهم للخطر، وعندما يصل الأمر إلى الاستهتار بأرواح البشر وبحياتهم فلابد أن نقف في وجه هؤلاء المستهترين وقفة حازمة وصارمة وأن نضرب بحديد على ممارساتهم، وعلى مؤسسات الدولة الأمنية والرقابية أن تقف في وجه هؤلاء بحزم وشدة ودون تهاون، وتطبيق أقصى العقوبات ضدهم عبرة لغيرهم، فمن غير المقبول والمعقول أن العالم يمر بأزمة جائحة لمرض ينتشر انتشار النار في الهشيم ونجد فئات تنسف جهود الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني وتضرب بها عرض الحائط.

إن الحكومة بجميع مؤسساتها تبذل قصارى جهدها في المحافظة على صحة المواطن والمقيم في هذا البلد الطيب بعد انتشار فيروس كورونا في كل العالم، وتمارس التوعية والتحذير والتنبيه على مستويات عُليا، وقامت بإجراءات احترازية وقائية كبدت الدولة ملايين الريالات، ومع هذه الجهود نجد فئة من المستهترين والغوغائيين يضربون بكل هذا عرض الحائط وتجدهم يمارسون حياتهم الطبيعية غير آبهين بما يدور حولها.

إن جائحة فيروس كورونا سمع بها الصغير والكبير والمواطن والمقيم، وإن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتصدي لهذه الجائحة واضحة لدى الجميع وعرف عنها الكل، فلا عذر لأي شخص في أنه لم يسمع عن هذه الإجراءات، لذا فالاستهتار بأرواح البشر مرفوض رفضاً قاطعاً.

الحكومة تقول لكم أجلسوا في بيوتكم والتزموا منازلكم فهو أمر إلزامي وواجب التنفيذ وليس من حق أي شخص المخالفة لهذا الأمر لا دينيا ولا مجتمعيا ولا قانونيا، فنحن شرعا ملزمون بطاعة ولي الأمر في كل أمر إلا إذا أمرنا بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وما عدا ذلك فنحن لابد أن نلتزم، وإذا كان التزامنا في الرخاء واجب فإنه في الشدة فرض، ونحن الآن نمر بظروف استثنائية شديدة الحساسية والخطورة، هذه الظروف إذا زادت عن حدها فقد تفقد الحكومة السيطرة وينتشر الوباء ليكون قاتلاً لأرواح كثيرة، فعلينا الالتزام والاستماع إلى النصائح والإرشادات بعناية فائقة، وعلينا محاربة المستهترين والعابثين بكل الطرق الممكنة فيكفي ما عملوه من تصرفات لا تمت إلى الإنسانية ولا الوطنية بصلة.

فمن غير المعقول أن الكل ينادي بالمكوث في المنزل ونرى فئة تلعب كرة القدم على الشواطئ أو تتحين الفرص للتجمع في المزارع والمباني المهجورة لممارسة هوايتهم بتعاطي (الشيشة) بعد إغلاق المقاهي، ولا نجد مبررا لأب يطوف بأبنائه في المحلات التجارية المزدحمة بالمتسوقين، ولا أتصور أن هناك عاقلا يرضى أن يُمارس حياته الطبيعية ولا يخشى على أهله ومجتمعه وجيرانه من انتقال هذا العدو الصامت الذي يغزو أي مكان في غمضة عين، وعلى كل واحد أن يتحمل مسؤوليته فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته والرجل في أهله راعٍ وهو مسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعيةٌ وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راعٍ وهو مسؤول عن رعيته) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

حكموا عقولكم وتصرفوا بإتزان فالأمر جلل واليد الواحدة لا تكفي للبناء، لا تهدموا مقدرات وطن باستهتار غير مسؤول، لا تحملوا رقابكم ذنوب أرواح بريئة باستهتاركم، عودوا إلى رشدكم واستمعوا إلى التوجيهات والإرشادات بعناية لمصلحتكم، ولن نواجه كورونا إلا بفكر مجتمع واعٍ وسنواجهه عندما يخاف كل واحد منِّا على نفسه ومجتمعه ويكون رسولا للنصح والتوعية والإرشاد، سنواجه كورونا عندما نلتزم في منازلنا وندرك أننا لا نملك الطاقة لمواجهته، دمتم ودامت عُمان بخير.