"موسكو تايمز": في حرب النفط.. من سيصرخ من الألم أولًا؟

 

ترجمة- رنا عبدالحكيم

عندما رفضت روسيا دعم اقتراح المملكة العربية السعودية بخفض أعمق لإنتاج النفط في فيينا قبل أسبوع، أطلقت روسيا بشكل فعَّال الطلقة الأولى فيما يبدو أنها حرب أسعار مُكلفة وطويلة الأمد، حسبما ذكر تقرير لصحيفة موسكو تايمز الروسية.

وعلى خلفية أزمة الفيروسات التاجية، التي يبدو أنها ستُقلل ما لا يقل عن مليوني برميل من الطلب العالمي اليومي، على الأقل خلال النصف الأول من عام 2020، فهناك استنتاج واحد فقط يُمكن استخلاصه أن سعر برنت سيختبر أدنى مستوى له منذ أوائل يناير 2016 عندما انخفض لفترة وجيزة دون 30 دولارًا للبرميل.

إذن من الآن في وضع أفضل لخوض حرب نفطية والعيش مع 30 دولارًا للبرميل، أو أقل؟

تمتلك موسكو احتياطيات مالية أكبر من المملكة العربية السعودية، وتحتفظ السعودية بما يُعادل 495 مليار دولار احتياطات مالية بنهاية يناير، وتظهر أحدث الأرقام من البنك المركزي الروسي احتياطيات عند 570 مليار دولار حتى نهاية فبراير. وانخفضت احتياطيات السعودية خلال السنوات القليلة الماضية من ضعف أسعار النفط. وتنمو احتياطيات روسيا بنسبة 100 مليار دولار منذ يناير 2019، وهي أعلى بـ 190 مليار دولار من أدنى مستوى في أوائل عام 2017.

وكان على روسيا السماح بالتعويم الحر للروبل منذ أوائل عام 2015، وكانت هذه سياسة مفروضة على الكرملين نتيجة الجمع بين العقوبات الغربية والنفط المُنخفض. وقد تبين أن ذلك كان بمثابة بطانة فضية كبيرة للميزانية، وكذلك للقدرة التنافسية الاقتصادية، وهذا يعني أن سعر النفط التعادلي في الميزانية يتحرك إلى الأسفل مع ضعف الروبل. وبافتراض انخفاض سعر صرف الروبل مقابل الدولار إلى أقل من 70، فإنَّ سعر التعادل سينخفض إلى 45 دولارًا للبرميل. وإذا وصل سعر الدولار إلى 75 روبلا، فستتوازن الميزانية عند حوالي 40 دولارًا للبرميل دون أي تخفيضات في الإنفاق المخطط له حاليًا. ويقارن هذا مع التعادل عند 115 دولارًا للبرميل في عام 2013.

وبحسب ما ورد، تحتاج المملكة العربية السعودية إلى 85 دولارًا للبرميل لموازنة ميزانيتها ولا تستفيد من تعويض العملة لأنَّ الريال مربوط بالدولار.

ولدى منتجي النفط الروس الآن تكلفة إنتاج منخفضة للغاية، وذلك بالضبط لنفس السبب في مرونة الروبل ومكاسب الكفاءة التي كان على الصناعة أيضًا اعتمادها بسبب العقوبات الغربية. ولن يضطر الرئيس بوتين إلى القلق بشأن أي تداعيات سياسية بين النخبة الروسية المزعومة بسبب هذا الإجراء. فمن المعروف منذ بعض الوقت أن بعض كبار المسؤولين النفطيين في الدولة عارضوا تمديد اتفاق أوبك بلس وأرادوا إنهاء الاتفاق. ولا يمكن قول الشيء نفسه بثقة عن السعودية، فقد اختلف ولي العهد مع وزير النفط السابق علي النعيمي بشأن سياسة الإنتاج. ودعا النعيمي إلى سياسة إنتاجية عالية للقضاء على المنافسة، بينما أراد ولي العهد صفقة أوبك بلس. وتم عزل النعيمي من منصبه في عام 2016 وقبل الاتفاق الأول بين أوبك وروسيا.

وإذا كان سعر النفط لا يزال يتم تداوله، على سبيل المثال، من 20 إلى 30 دولارًا للبرميل في الصيف، فقد يتغير هذا. وسيتردد بوتين بين إما إدارة عجز كبير في الميزانية أو تخفيض الاحتياطيات المالية إلى مستوى متدنٍ، وهذا من شأنه أن يترك البلاد عرضة لتأثيرات العقوبات مستقبلا.

ربما يكون الأمل في كل من موسكو والرياض هو إما أن تضطر إحداهما إلى التراجع أولاً والعودة إلى طاولة المفاوضات. والسيناريو المثالي لكليهما هو أن منتجي النفط عالي التكلفة يصرخون أولاً ويشعرون بسرعة بالألم ثم يضطرون إلى إغلاق الصراع. إنها حقًا لعبة انتظار واختبار للأداء السياسي والاحتياطيات المالية، لكن، بغض النظر عن المنتجين الأمريكيين، فإنَّ روسيا والرئيس بوتين هذه المرة في وضع أفضل لخوض هذه الحرب مُقارنة بالوضع غير الملائم للمملكة العربية السعودية.

تعليق عبر الفيس بوك