"كورونا" الرياضة!!

المعتصم البوسعيدي

يمُوج العالم ذعراً بما أحدثه -وسيحدثه- فيروس "كورونا" على مستوى الإنسان والاقتصاد والسياسة وغيرها، مع تأويلات مختلفة وتحليلات متعددة لا تتوقف عند حدود؛ حيث سمعنا عن الحرب البيولوجية والحرب الاقتصادية وحتى عن عدالة السماء فيما اقترفه البشر في البشر وفي الأرض.

لم تكن الرياضة بمعزل عن تأثير هذا الفيروس، خاصة على مستوى الدوريات الأوروبية، وإيطاليا باعتبارها من الدول الأكثر تأثراً بات الوضع صعب للغاية، وبالتالي توقفت عجلة الدوري ولم تعد كل الاحتمالات مستبعدة على صعيد كافة البطولات والمنافسات الرياضية فيها وفي جميع الدول الأخرى، علماً بأنَّ اليابان ستستضيف دروة الألعاب الأولمبية صيف هذا العام، وهي التي صرفت مليارات الدولارات من أجل التنظيم، وتتأرجح إمكانية إقامتها حسب التطورات التي ستحدث في لاحق الأيام.

في خضم ذلك، تتمايز المواقف وتبرز الأدوار ويتجلى منسوب الوعي في التعامل الأمثل مع تدفق الأخبار وإشكاليات الإشاعة وسط عوالم التواصل الاجتماعي، والتي تعتبر بيئة خصبة لكل أنواع القيل والقال والتنمر وتأليب الرأي العام، وفلسفة الفوضى الخلاقة وغير الخلاقة في أغلب الأحيان. رأينا وسمعنا حديث مدرب ليفربول يورجن كلوب ومدرب ريال مدريد زيدان عند سؤالهما عن إجراءاتهما حول فيروس "كورونا" إجابة تختصر العديد من مسافات "أعطي الخبز لخبازه"؛ فهما يمضيان على تخصصية ومنهجية واضحة بالرغم من شهرتيهما وما قد يُحدِثانه من ردة فعل لو كانت إجاباتهما بفتوى يُلقيانها على جمهور واسع وغفير.

نعم، ندرك أن الرياضة وسيلة فاعلة في مواجهة الأزمات، لكنها قد تكون سلاحا ذا حدين، وبالتالي يجب أن تكون الحسبة متوازنة، وثمة خط رجعة لقراراتنا وما نقدمه من أفعال؛ لذلك ففيروس "كورونا" درس رباني عظيم لمن يقرأ بين السطور، وهو كذلك في الرياضة التي تعاني من فيروسات أشد فتكاً من "كورونا" خاصة في بيئتنا العربية والمحلية على حد سواء؛ هناك من يتحدث ونحن في القرن 21 عن السحر والشعوذة، بل ويمارسها للوصول إلى ما يعتمر قلبه الظالم الحقود. هناك من يقصي الآخر ويشكك في نزاهته ويعتبر النجاح وهما كبيرا. هناك فيروس الكراسي وقيود اليأس وإفلاس التطوير، وبدلاً من طرح أسئلة التغيير يتم طرح أسئلة التكسير. هناك -دائماً- فيروس اغتيال القيم والعيش في جلباب "تنشد عن الحال هذا هو الحال"!!

إنَّ الحلول لمعالجة الفيروسات تنطلق من وقاية تقودها الأفكار الخارجة من صندوق أغبر؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: حلحلة اتخاذ القرار بتفعيل دور الجمعيات العمومية -مشاركةً ومتابعةً ومحاسبةً- ومن ديمومة الإدارة عبر حلقة تواصل بين الانتخاب والتوظيف المؤسسي، والتسويق والاستثمار في الأندية والاتحادات بإيجاد منتج حقيقي واستخدام أساليب جديدة، والبحث عن علاقات اجتماعية طردية المنفعة تُسهم في جذب الرعاية المناسبة، وتحويل الجدران الصماء في البنية الأساسية إلى حياة تفاعلية، وإيصال الشباب إلى صناعة القرار لا تنفيذه فقط، وقبل ذلك -وكما ذكرت في العديد من المواضع- صناعة الطالب الرياضي لا الرياضي الطالب؛ لأن الزرع لحصاد آت.

إذا لم تصنعنا فيروسات مثل "كورونا" فلن تصنعنا عوارض الرخاء، وقد نكتشف -بعد حين- أن عسل النوم هو نفسه شهد الموت، ليبقى الخيار بين استسلام ونهوض، فماذا سنختار؟!